أسطورة نباش الراحلين عن الحياة هي أسطورة قديمة منتشرة في العديد من الدول العربية و تختلف مسمياته باختلاف المناطق التي تؤمن بوجوده. فسمي نباش المدافن وكذلك النمنم ، المخلوف ، السلعوة ، السبسب والدنجيرة، تعددت الأسماء و المقصود واحد هو كائن أسطوري ارتبط ذكره بالرعب و الخوف، و لا أحد يعرف من هو ، فيقول البعض بأنه من البشر، وهناك من يقول إنه من الجان ، فيما يعتقد آخرون أنه حيوان ، و يذهب آخرون بمخيلاتهم التي تعدت حد الأساطير إلى أبعد من ذلك فما حكاية هذا الكائن وما حقيقته؟ سأحكي لكم في التالي:
ذهبت أسطورة نباش المدافن إلى حد غريب حيث اعتقد الكثيرون بأنه حيوان هجين صنعته بعض الدول لتستخدمه ضد دول أخرى ! ولكن لا أحد يعرف يقينا ما هو هذا المخلوق ، فلم يسبق أن رآه أحد و أعطى وصفا محددا له. من ادعوا أنهم شاهدوه يقولون أنهم لم يروا وجهه، و لكن من يعتقدون بأنه حيوان يصفونه بأنه لا يخاف مثل بقية الحيوانات من البشر ، وأن شكله بين الكلب و الثعلب، لونه أسود ، أذناه أذنا ثعلب و قدماه الخلفيتان أكبر و أطول من قدميه الأماميتين ، ذكي جدا و سريع إلى حد أنه لا يمكن لأحد اللحاق به، و هناك من يدعي أن أمه من فصيلة الضباع ووالده ذئب ، و يصفه البعض الآخر بأنه يشبه ذو القدم الكبيرة .
من أولى الدول التي بدأت فيها هذه الأسطورة الغريبة كانت تونس و لكن الأمر مختلف . فذكره مرتبط دائما بالعقاب ، فبعيدا عن الميثولوجيا و التاريخ من المعروف و المتداول أن المدافن التي تم نبشها و الاعتداء عليها هي مقابر “اليهود و النصارى” في تونس ، ذلك أنه حسب معتقداتهم الدينية لا يدفنون المتوفين في كفن فقط كما هو الحال مع الدين الإسلامي ، بل يلبسونهم أجمل الثياب و يضعون معهم أشياءهم الثمينة التي كانوا يحبونها و كانت لها مكانة غالية في حياتهم ، فظهر
نباش المدافن في تونس وكانت بدايته أحد الأشخاص الذين اعتادوا نبش القبور لسرقة ما وضع مع الميت من أشياء ثمينة.
ولسوء حظه كان هناك بعض الأشخاص الذين اكتشفوا جريمته و ضربوه ضربا لم ينل مثله أحد من قبله ، و منذ ذلك أصبحت جملة “طريحة نباش القبور” في تونس رمز لهؤلاء وهم من يسرقون المقابر أو رمز لتعرض الشخص للعقاب على شئ ما .
والبعض يقول إن أصل هذه الأسطورة من الأقليات الأمازيغية في مصر، و كذلك من دول الخليج أو من اليمن حيث أن المعتقدات الشعبية هناك تقول أن نباش القبور مخلوق يسكن الجبال ينزل ليلا لسرقة الأجساد من المدافن الجديدة ، فهو بحسب اعتقادهم لا يأكل إلا الأجساد الطازجة أي أنه لا يحب المتعفنة ، لذلك يعتقد البعض أنه يأكل الأجساد التي لم يمض على دفنها أكثر من 10 أيام كحد أقصى
وبعض المناطق الأخرى في اليمن يعتقدون بأنه يمكن أن يأكل الأجساد التي مضى على دفنها 15 يوما . ولا تزال هذه الأسطورة حية في كثير من المعتقدات الشعبية في معظم الدول العربية بل ويؤمنون بأنه لا زال حيا إلى يومنا هذا .. فماذا تعتقد أنت ؟