لماذا فضلت أن تعود للجزائر .. وهل للأمر علاقة بالمشير عبد الحكيم عامر؟ ولماذا حكمت فرنسا عليها بالاعدام؟.. وفي النهاية ما قصة رحلتها الأخيرة ومواراتها الثرى..؟ كل هذا ستعرفه في التالي:
المطربة الجزائرية وردة لم تكن مجرد مطربة عادية، بل أسطورة غنائية ملأت الدنيا غناء بصوتها العذب الذي ما زال وسيظل عنواناً للحب .
مثل كلمات أغنيتها « ليالينا» التي أبكت فيها وردة الجزائرية قلوبنا قبل عيوننا في فليم «أه ياليل زمن » عاشت أميرة الغناء العربي حياة صعبة متنقلة بين فرنسا ومصر ولبنان والجزائر حتي اختارت في نهاية حياتها أن يكون مثواها الأخير في الجزائر وكيف لا؟ وهي من عاشت مطاردة من بلد لآخر وكلما كانت تضيق بها الدنيا تفتح الجزائر ذراعيها لها .
عندما رحلت “أميرة الطرب العربي” إثر سكتة قلبية مفاجئة داهمتها في القاهرة عن عمر ناهز 73 عاما، بعد حرب طويلة مع أمراض القلب والكبد، وبناء علي وصيتها واعتزاز الجزائر بابنتهم، أمر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإعادة جثمانها للجزائر، فسافر ملفوفا بالعلم المصري والجزائري ووري الثرى بمربع الشهداء – العالية بالعاصمة الجزائرية وكان في استقبالها وسار في جنازتها كبار الشخصيات في الدولة.
ويحكي لحّاد المشاهير في الجزائر العم مراد أن أكثر المشاهير الذين أثر رحيلهم عليه، «الهواري بومدين» و«وردة الجزائرية » لأن لي قصة مع هذه السيدة التي كنت مولعا بفنها الراقي”.
يقول مراد عن الراحلة وردة” أتذكر أنه تم ضربي من قبل رجال الأمن في بدايات الثمانينيات أمام قاعة الأطلس وأنا أتدافع مع عشاق الفنانة لشراء تذكرة والدخول لحفلها الذي نظمته آنذاك، كان عمري وقتها لا يتجاوز العشرين” وعندما عملت ماحدث أرسلت لي وقابلتني وطيبت خاطري.
وبابتسامة يخفي بها تأثر رجل بفراق محبوبته، تابع: “طلبوا مني الحفر لمواراة الفنانة وردة الجزائرية، حملت الفأس وكنت أغرسها في قلبي قبل أن سوي بها الصخر الذي كان منزلها الأخير في الدنيا، هكذا هي الأقدار وهكذا علمني الموت أن الحياة على جمالها زائلة.
وُلدت وردة الجزائرية في منطقةٍ للمهاجرين قرب باريس بتاريخ 22 يوليو 1939 وبدأت موهبتها بالظهور عندما كانت طفلة، وفي 1949 وقفت لأول مرة على المسرح.
وفي عمر المراهقة كانت تغني وردة أغاني وطنية مثل “يا حبيبي يا مجاهد”، و”بلادي يا بلادي” وغيرها؛ دعما لوطن والدها الجزائر عندما اندلعت الحرب الجزائرية عام 1958.
وبسبب هذا الموقف صدر بحقها حكم في فرنسا يقضي بإنهاء حياتها، واضطرت هي وأسرتها للهروب إلى لبنان.
وهناك واصلت الغناء في الأماكن العامة بدعم من عائلة والدتها وراحت تطلق الأغاني المؤيدة للثورة منها “جميلة بوحيرد” و”أنا من الجزائر أنا عربية”.
بعد ذهابها إلى القاهرة في مطلع الستينيات، ازداد حب الجماهير لها وأصبحت محط أنظار العديد من الملحنين مثل رياض السنباطي الذي لحن لها “بلاش تفارق” و”يا حبيبي لا تقولي”، تطورت بينهما صداقة وثيقة وسميت ابنها على اسمه.
ومن أشهر الشائعات التي انتشرت عنها، كانت علاقتها بالمشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية في أوائل الستينيات أثناء حرب النكسة عام 1967.
ومن ثم صدر قرار بترحيلها خارج البلاد ومنعها من دخول مصر، ولم تعد وردة إلا مطلع السبعينيات خلال حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
ونفت وردة تلك الاتهامات في حياتها وقالت أن فنانة أخرى كانت سببا في انتشار الإشاعات حولها، وذكرت في لقاء تلفزيوني سابق أن هذا الحديث يؤلمها ويؤذي عائلتها كثيرا.
وخلال فترة الابتعاد عن مصر، تزوجت وردة المناضل الجزائري جمال قصيري واعتزلت الفن لمدة طويلة من أجل زوجها وأنجبت منه رياض وداود، ولكنها لم تستطع الصمود بعيدا عن الفن.
وعادت بعد أن طلبها الرئيس الثاني للجزائر المستقلة “هواري بومدين” لكي تغني في عيد الاستقلال العاشر للجزائر، وهناك التقت بالموسيقار “بليغ حمدي” الذي أقنعها بالعودة إلى مصر، وبسبب ذلك انفصلت عن زوجها.
بعد عودتها إلى مصر، تزوجت وردة بليغ حمدي عام 1972، وتعد هذه الفترة هي الأكثر ازدهارا في حياة الفنانة وردة وفيها قدمت أنجح أعمالها.