ربما سمعنا عن أمم فعلت ما لم يفعله أحد من قبل وكفرت بالله وأعلنت إلحادها وعصيانها، لكن ما فعله هؤلاء القوم لم يأتي به أحد ابدا ، فلم يكتفوا بعبادة الشيطان لكنهم قاموا بالقاء نبيهم الذي أرسله الله لهم في بئر عميق، فمن هم هؤلاء القوم وكيف عاقبهم الله سأحكي لكم في التالي:
من هم أصحاب الرس
لا يعرف الكثير من هم أصحاب الرس الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه، وخصوصا في سورة الفرقان
يبدو من قصتهم أنهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطيء نهر يقال له الرس من بلاد المشرق, ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا أعمر منها . وكانت شجرة الصنوبر في أعظم قرية وهي التي ينزلها ملكهم.
وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من بذرة تلك الصنوبرة وأجروا إليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة، فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار، فمنعوا الناس والأنعام الشرب منها, ومن فعل ذلك قتلوه ,
وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة
ويشعلون أمامها النيران بالحطب , فإذا سطع دخان تلك الذبائح في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا سجداً يبكون ويتضرعون إلي الشجرة أن ترضى عنهم.
فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي أن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساً وقروا عيناً.
النبي الذي بعث فيهم
فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره , بعث الله نبياً من بني إسرائيل من ولد يعقوب , فلبث فيهم زماناً طويلا يدعوهم إلى عبادة الله
ولكنهم لم يستجيبوا له. فلما رأى شدة تماديهم في الغي وشاهد عيد قريتهم العظمى, قال: يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي وغدوا يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع، فأيبس شجرهم وأرهم قدرتك وسلطانك. فأصبح القوم وقد أيبس الله شجرهم كله.
أنهوا حياة النبي !
فأجمعوا رأيهم على إنهاء حياته، ثم حفروا بئراً ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم , ووضعوا فوق البئر صخرة عظيمة , وقالوا: نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من يصد عن عبادتها
فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي , فارحم ضعف ركني , وقلة حيلتي , وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي , حتى مات.
كيف انتقم الله منهم
ففوجئوا وهم في عيدهم ذلك بريح عاصف شديد الحمرة , فتحيروا فيها وذعروا منها وانضم بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء , فألقت عليهم جمراً , فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص بالنار.