يظل اسمه مدعاة للخوف والرعب، فهو نموذج للقائد الذي لا يتوانى عن فعل أي شئ لإرضاء الحاكم، وليتسلق ويترقى في السلطة ، ومع ذلك استطاع أن يثبت حكم بني أمية ومن أجلهم تخلص من عبد الله بن الزبير وحاول إذلال أمه ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر ، لكنه رضخ لأوامر عبد الله بن عمر بن الخطاب .. فما الذي فعله في الكعبة ؟ وما الخطبة التي ألقاها في الكوفة وأرعبت أهل العراق ؟
هو أبو محمد كليب بن يوسف الثقفي ، المولود في الطائف عام 40 للهجرة، قام بتغيير اسمه من كليب إلى الحجاج ، وكان في صغره يحفظ القرآن والحديث ويتعلم الخطابة ، وكان يعلم القرآن للصبيان مع أبيه، لكنه ضاق ذرعا برجال عبد الله بن الزبير الذي كان يسيطر على مكة والطائف ، فقرر الخروج إلى الشام، وهناك انضم لجهاز الشرطة وترقى وأثبت كفاءة في عمله حتى تولي إدارة الجند ورئاستهم .
وصفه وصفاته
من الوصاف الواردة للحجاج في كتب التاريخ مثل كتاب بن كثير البداية والنهاية وكتاب السير للإمام الذهبي أن الحجاج كان قبيح الوجه قصير القامة، لكنه لم يكن يخلو من خبث ودهاء وعزيمة وغلظة في الطباع، وكان يستخدم المكر والحيلة لتحقيق أطماعه، وكان حقودا حسودا كما وصف نفسه لعبد الملك بن مروان، وقد استطاع أن يقترب من الخليفة عبد الملك بن مروان ، وأن يضبط جهاز الشرطة الذي كان يتفكك ويتأفف الناس من الالتحاق به.
التخلص من عبد الله بن الزبير
حتى جعله الخليفة عبد الملك على رأس جيش قرر تسييره لإخضاع عبد الله بن الزبير الذي كان يسيطر على مكة والطائف، وبالفعل خرج الحجاج من الشام متوجها إلى الطائف ثم مكة، وهناك احتمى عبد الله بن الزبير بالكعبة باعتبارها بيت الله الحرام ، إلا أن الحجاج لم يراع حرمة الكعبة وقذفها بالمنجنيق وهدم جزءا منها.
وهنا تدخل عبد الله بن عمر بن الخطاب ونهاه عن الهجوم على الكعبة وترويع الحجاج في بيت الله الحرام، فامتثل الحجاج لأمره ، واستطاع ان يظفر بعبد الله بن الزبير وينهي حياته بطريقة بشعة، ثم أمر أن تأتيه أسماء بنت أبي بكر أم عبد الله بن الزبير ، فرفضت ، فبعث إليها أن تأتيه وإلا لأبعثن من يسحبك بقرونك، فأرسلت إليه والله لا أتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني، فلما رأى ذلك ذهب إليها وقال كيف رأيتني صنعت بعبد الله فقالت أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك ، فانصرف ولم يراجعها ، وورد أنها قالت له أن رسول الله قال سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول .
ولاية العراق وخطبة الكوفة
بعد انتصار الحجاج على بن الزبير وأعوانه ولاه عبد الملك بن مروان مكة والمدينة والطائف ثم أعطاه ولاية العراق ، وفي العراق توجه الحجاج إلى الكوفة ودخل المسجد وكان يرتدي عمامة حمراء يتلثم بها، وحين صعد المنبر قال البيت الشهير ” أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .. متى أضع العمامة تعرفوني ” كما جاء في خطبته بالكوفة جملته الشهيرة ” يا أهل العراق إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها ” وتوعدهم بحكم شديد وأمور جسام حتى بث الرعب في قلوبهم . وحكمهم 20 سنة بالشدة والقوة وتوفي عام 95 للهجرة عن عمر 54 سنة .