بات عالمنا متغيّرًا بشكل ملموس أكثر من أيّ وقت مضى.. فلم تعد هناك بقعة على سطح الكوكب ولم تتعرض لهزات وزلازل خلال الأشهر القليلة الماضية.
في غضون ذلك، ووسط تداعيات تغيّر المناخ، حذّرت دراسة علمية من خطر آخر غير الزلازل.. ألا وهو الفيضانات.
لكن الغريب أن الدراسة ربطت بين معدل تقدّم الدول وعدد الأغنياء فيها بوقوع الفيضانات وكثرة الضحايا.. ما الرابط العجيب الذي اكتشفه العلماء؟ وكيف يمكن التغلب على هذه الظاهرة؟ وهل البلدان الفقيرة أكثر حظًا من الدول الغنية؟ كل هذا وأكثر من التفاصيل نقدّمه لحضراتكم في التقرير التالي:
الفيضانات تزداد قوّة
قالت دراسة حديثة نشرتها مجلة «نيتشر» البريطانية، إن الفيضانات تزداد قوّة في الدول المتقدمة، أو ذات الدخل المتوسط، كلّما اتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء.
وتطرّقت الدراسة إلى الفيضانات التي ضربت دولا متقدمة أو ذات دخل متوسط بين عامي 1990 و2018، والتي تسبّبت بخسائر بشرية رغم تمتع هذه الدول بالموارد اللازمة لتجنب تداعيات الفيضانات.
ماذا كشف البحث؟
البحث أظهر في عيّنة من 67 دولة، أن الدول التي لديها أكبر تفاوتات بالدخل، هي أيضًا الدول التي سجلت أكبر أعداد ضحايا من الفيضانات.
الباحثون لاحظوا أيضا أن التفاوتات بالدخل بين الأغنياء والفقراء اتسعت في 75 بالمئة من هذه الدول في الفترة المدروسة.
سارة ليندرسون طالبة الدكتوراه في جامعة أوبسالا السويدية، والمشاركة في إعداد الدراسة، قالت إن علاقة ارتباط هذه العوامل ببعضها كانت قد تم إثباتها سابقا في حالات معزولة، لكن هذه المقارنة بين البلدان تتيح لنا الآن تأكيد أنها نموذج.
الرابط العجيب!
ووفقًا لما ذكرت وكالة فرانس برس، فإن هذه المجتمعات يكون فيها الفقراء أقل قدرة على مواجهة الفيضانات أو النجاة منها، بينما تتركز في الأحياء الغنية غالبية الخدمات والموارد المستثمرة والبنى التحتية المناسبة.
ومثال على ذلك ما حدث عام 2005، حينما ضرب الإعصار كاترينا ولاية لويزيانا الأمريكية، وكان العديد من القتلى الذين بلغ عددهم 1800 تقريبا، يقيمون في حي فقير للأفارقة الأمريكيين قرب السدود التي انهارت.
ولم يتمكّن البعض من الفرار حينها لعدم امتلاكهم وسائل نقل خاصة، فيما جرفت المياه منازل خشبية كان يسكنها البعض الآخر.
ما الحل؟
الدراسة أكدت أن الأكثر فقرا يعيشون أحيانا بشكل غير نظامي في مثل هذه الأحياء الهشة، حتى لو وُجدت قوانين تمنع بناء مساكن في مناطق معرضة لخطر الفيضانات، لعدم توفر فرص أخرى أمامهم.
وشددت الدراسة على أن أحد الحلول هو تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء، فيما أكدت سارة ليندرسون أنه إذا فشلنا في تصحيح العامل الأساسي للهشاشة، ألا وهو الفقر وعدم المساواة، لن نتمكن أبدا من التخلص منه.
المساواة في الدخل
الباحثون دعوا جميع العلماء إلى عدم إهمال عامل عدم المساواة في الدخل في دراسة المخاطر، معتبرين أن وزنه أكثر أهمية من وزن العوامل الأخرى المرتبطة بمستوى التنمية الاقتصادية للبلد.
واعتبر الباحثون أيضا أن هذه المجتمعات التي تسودها تفاوتات كبيرة في المداخيل، ليست معرضة فقط لخطر الفيضانات، بل أيضا لخطر كوارث طبيعية أخرى، مثل الجفاف والأوبئة.