في ظاهرة فلكية فريدة تحدث لأول مرة في هذا العام، اختفى ظل الكعبة المشرفة بعد أن تعامدت الشمس على المسجد الحرام في مكة المكرمة، وبالتحديد وقت النداء لصلاة الظهر في المسجد الحرام.. فما سر تعامد الشمس على الكعبة؟ وهل له دلالة أو طقوس دينية معينة؟ وماذا يجب على المسلمين فعله؟
في مشهد يتكرر مرتين سنويا، شهدت سماء مدينة مكة المكرمة، اختفاء ظل الشمس مع تعامدها على المسجد الحرام.
من جانبه قال المهندس ماجد أبو زاهرة رئيس الجمعية الفلكية بجدة، إن تعامد الشمس جرى نتيجة وقوع الكعبة بين مدار السرطان وخط الاستواء.
وأوضح الخبير الفلكي السعودي، أنه خلال حركة الشمس الظاهرية بالسماء تكون على استقامة مع الكعبة، في حالتين عند مرورها من خط الاستواء تجاه مدار السرطان خلال مايو الجاري، وعند عودة الشمس نحو الجنوب لخط الاستواء آتية من مدار السرطان في شهر يوليو.
وأضاف المهندس “أبو زاهرة”، أن المناطق عند خطوط العرض الأقل من 23.5 درجة شمالًا وجنوبًا، تشهد جميعها تلك الظاهرة مرتين في العام، في أوقات مختلفة تتوقف على خط عرض هذا المكان، كما تمتاز به القليل من الأماكن المحصورة بين مداري السرطان والجدي وخط الاستواء.
كما قال إن ظاهرة تعامد الشمس تعتبر من طرق القدماء المستخدمة للتحديد بدقة متناهية اتجاه القبلة، وذلك استخدام قطعة خشب، ثابتة في الأرض عموديًا، خلال توقيت التعامد، وبالتالي فإن الاتجاه عكس الظل يوجه إلى القبلة أي الكعبة المشرفة تمامًا.
وتفيد تلك العملية كل قاطني المناطق البعيدة عن مكة المكرمة بالدول العربية وأيضًا التي تجاور القطب الشمالي وبأفريقيا وقارة أوروبا وبلدان كالصين وروسيا وشرق آسيا.
وتُستخدم أيضًا عملية تعامد الشمس لحساب محيط كوكب الأرض دون اللجوء لتقنيات حديثة، عن طريق تنفيذ قواعد بسيطة بعلم الهندسة، تعود لأكثر من ألفي عام، وتؤكد كذلك أن الأرض كروية.
وحول هل لتعامد الشمس على الكعبة المشرفة، تقديسًا دينيًا خاصًا لدى المسلمين؟ أوضح رئيس المركز القومي للبحوث الفلكية الدكتور جاد القاضي، أن تلك الظاهرة تتكرر كل عام وليست نادرة، وليس لها تقديس، لكن يستفاد منها في بعض الحسابات الفلكية.
وينتظر أن يتكرر تعامد الشمس عند الكعبة المشرفة مجددًا في يوليو المقبل، لثاني مرة في العام 2023.
ويأتي تعامد الشمس على الكعبة المشرفة، مع توالي استعدادات بلاد الحرمين الشريفين، من أجل تفويج الحجيج القادمين من جميع دول العالم، وذلك وسط تدابير وإجراءات ضخمة من اجل توفير كل ما يطلبه الحاج لضمان راحته في أداء مناسك فريضة الحج.
وبحسب العلماء لليس لتعامد الشمس على الكعبة أي دلالة أو رمزية دينية ولا يتطلب وقتها أن يقوم المسلمين بأداء الصلاة كما يحدث في صلاتي كسوف وخسوف الشمس والقمر، أو عند محاولة الصلاة لاستجلاب المطر. وتعد الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في العالم والتي يتوجه إليها كل مؤمن من أجل أداء خمس صلوات في اليوم والليلة، إضافة إلى صلوات السنن. وقد بناها نبي الله إبراهيم وولده نبي الله إسماعيل، وهي ذات مكانة عظيمة لدى أهل الجزيرة العربية قبل ظهور بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعدها.