يُعتبر قوم يأجوج ومأجوج من أكثر القصص إثارة للجدل على مر العصور، فوفقًا للروايات والقصص التاريخية، هم قبيلتان عظيمتان أو شعبان من بني آدم، قيل من نسل «يافث» وقيل إن آدم عليه السلام احتلم فاختلط المني بالتراب ومنه خلق يأجوج ومأجوج.
وأشارت القصص إلى أن ملك يسمى ذو القرنين عاصر قوم يأجوج ومأجوج وكانوا قوما مفسدين في الأرض فطلب جيرانهم من ذي القرنين أن يجعل بينهم سدا حتى يمنعهم من الوصول إليهم وإفسادهم في أرضهم.
ذو القرنين هو ملك مؤمن صالح ولم يكن نبيا على قول الراجح من أقوال أهل العلم سمي بذي القرنين لأنه قد بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشيطان ويغرب وهو غير الإسكندر المقدوني فإن الإسكندر كان كافرا وزمنه متأخر عن ذي القرنين وبينهما أكثر من ألفي سنة والله أعلم.
وقد ذكر الله عز وجل قصته في سورة الكهف وأنه طاف الأرض، مشارقها ومغاربها، حتى وصل جهة الشمال حيث الجبال الشاهقة، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} أي: حتى إذا وصل بجنوده إلى منطقة بين جبلين عظيمين بمنقطع أرض الترك مما يلي أرمينية وأذربيجان.
والسدان: هما الجبلان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك فيعيثون فيها فسادا ويهلكون الحرث والنسل.
فعندما رأى الترك في ذي القرنين قوة وتوسموا فيه القدرة والصلاح عرضوا عليه أن يقيم لهم سدا في وجه يأجوج ومأجوج الذين يهاجمونهم من ذلك الممر فيفتكون بهم قتلا وأسرا، وذلك مقابل مال يجمعونه له جزاء عمله، لكن ذا القرنين الملك الصالح تطوع بإقامة السد بدون مال بل رجاء الثواب من الله عز ورأى أن أيسر طريقة لأقامته هي ردم الممر بين الجبلين.
فطلب إلى أولئك القوم أن يعينوه {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} فصف قطع الحديد بين جانبي الجبلين ثم قال لهم: {انْفُخُوا} أي: انفخوا بالمنافيخ عليه. {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} أي: جعل ذلك الحديد المتراكم النار بشدة الإحماء. {قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} أي: أعطوني أصب عليه النحاس المذاب فالتصق بعضه ببعض وصار جبلا صلدا فلم يستطع المفسدون من يأجوج ومأجوج أن يعلوه ويتسوروه لعلوه ولم يستطيعوا أن ينقبوه من أسفله لصلابته وثخانته وبهذا السد المنيع أغلق ذو القرنين الطريق على يأجوج ومأجوج، لكن ليس إلى الأبد..
بعد أن ترك يأجوج ومأجوج خلف السد في اضطراب وهرج، ظلوا يحاولون النفاذ منه بتسلقه، فعجزوا عن ذلك؛ لعلوه وملاسته. ولما أعيتهم الحيلة والوسيلة عن ذلك تحولوا إلى أسلوب آخر، وهو حفر الردم ونقبه، وما زالوا يوالون الحفر كل يوم، فإذا ما كاد شعاع الشمس يهجم عليهم، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدًا، ويجيء الغد والردم يرجع أحكم وأقوى مما كان من قبل، وتتكرر هذه الكلمة كل يوم، وإزائها يعود الردم بمشيئة الله أشد ما كان، وتضيع جهودهم سدًى، وتتبخر آمالهم في الهواء.
وهكذا، يظل الحال على هذا المنوال، إلى أن يأذن الله فيجري على لسان من عليهم، الكلمة نفسها لكن بإضافة جديدة، ظلت تحصرهم خلف هذا السد فترة طويلة لا يعلمها إلا الله الذي احتبس هذه الإضافة عنهم بمشيئته، حتى يبلغوا مدتهم، فإذا جاء الوعد الحق، وأراد الله أن يبعثهم ويخرجهم على الناس، يقول قائلهم عندما يلوح له شعاع الشمس: ارجعوا، فستحفرونه غدًا إن شاء الله، ويستثني.
ويجيء الغد، فيجدوه كما تركوه بالأمس، فيوالون الحفر ويخرجون على الناس، فينشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، يبقى يأجوج ومأجوج رجالا ونساء وصبيانا يعيثون في الأرض فسادا قتلا للناس وهتكا للحرمات، غرورا وفجورا، حتى يبلغ من كفرهم أن يرموا السهام جهة السماء ليغلبوا من في السماء كما غلبوا من في الأرض، فيرمون سهامهم إلى السماء، فترجع وعليها كهيئة الدم، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السماء! ولا ينجو منهم إلا من كان متحصنا بالحصون مختفيا ومن هؤلاء المتحصنين عيسى عليه السلام وقوم معه من المؤمنين، وقد أصابهم الجوع والحاجة والجهد الشيء العظيم عندها يلجأ عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل الله على يأجوج ومأجوج النغف في رقابهم (نوع من الدود سأضع لكم صورته في تعليق بالأسفل)، فيموتون ويرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحمل أجساد يأجوج ومأجوج فتطرحهم حيث شاء الله. ثم يرسل الله مطرا فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرك، فتنبت الأرض وتثمر بعدما يهلك الله عز وجل يأجوج ومأجوج، ولا يبقى إلا المؤمنون.
وتنتشر البركات والخيرات، ونفوسهم صافية، ولا يبقى قتال ولا حروب، ويحج الناس بيت الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج”.
موقع يأجوج ومأجوج
لا يوجد أدلة قاطعة تعين موقع الردم الذي يحجز يأجوج ومأجوج، إلا أنه ذهب بعض المهتمين بمراجعة المصادر غير الإسلامية إلى أن السدين المائيين هما بحر قزوين والبحر الأسود، ومنطقة بين السدين هي تحديداً الحدود الفاصلة بين ما يعرف حالياً بأوسيتيا الجنوبية (التابعة لجورجيا) وأوسيتيا الشمالية (التابعة لروسيا)، حيث أن بينهما مضيق جبلي يعرف حالياً بـ “مضيق داريال، يعتقد أن يأجوج ومأجوج كانوا جنوبه، في حين أن الفرس العلّان كانوا شماله. وكان الفرس العلان لا يكادون يفقهون قولاً ويتعرضون للغارات من الجنوبيين (يأجوج ومأجوج) بشكل مستمر ودموي والله أعلم. تم بحمد الله