لقد صبَّ الله غضبه عليهم ولم يستثن أحدا منهم من العقاب.. وقد حجروا الماء وسكنوا واديا أمر الرسول أصحابه بألا يدخلوه.. فلماذا أسماهم الله أصحاب الحجر؟ ولم يسمهم باسم “ثمود”.
إنهم أصحاب الحجر الذين جاهروا الله بالحرام في وضح النهار، كانت حياتهم في وادٍ من أودية الجزيرة العربية اسمه وادي الحجر وتمت نسبتهم إليه ويقع ذلك الوادي حاليا بين المدينة المنورة وبلاد الشام وحاليا هو الموقع المعروف باسم “مدائن صالح” في المملكة العربية السعودية في طريق بين خيبر ومنطقة تبوك.
الوادي الممنوع
وقيل في وصف الحجر بأنه كان مكانا بعيدا ممنوعا على الناس وكان سكانه ينحتون المنازل التي يريدون السكن فيها في صخور الجبال للحصول على الأمان.. وكانوا يتفننون في نحت تلك المنازل بأحسن تصميم وأفضل بناء.. لكن هذه المباني المنحوتة في الصخور أغرب الذين بنوها بقوتهم فطنوا أن لا أحدا يقدر عليهم وتمادوا في مخالفة خالقهم..
ردوا نداء الرسل بالتكذيب
رسول وراء آخر كان يأتي أصحاب الحجر برسالة الحق من السماء يأمرهم بعبادة الله والتوقف عن ارتكاب الأفعال المحرمة التي اهتزت لها الأرض من تحت أقدامهم.. فما زادهم ذلك إلا تماديا وتكذيبا وقابلوا نداء الإيمان من هؤلاء الرسل بأبشد رفض وأبشع ردود.
إنهم قوم ثمود.. وقد أرسل الله إليهم نبيه صالح في ذلك الوادي الذي سمى كذلك وادي “القُرى” وقد أسماهم القرآن بأنهم “أصحاب الحجر” لأنهم كانوا أيضا في ذلك الوادي يحجرون الماء ويمنعونه لحفظه نظرا لقلة الماء في صحرائهم..
حصنوا أنفسهم من الزلازل
حصَّن أصحاب الحجر أنفسهم تماما من السيول والزلازل.. وأنشأوا حضارة كبيرة في ذلك الزمان وبلغوا أقصى درجات الرفاهية والمعيشة الطيبة لكنهم في ذات الوقت لم يحمدوا الله على نعمه وجاهروه بالذنوب وارتكاب المحرمات دون أن يستحوا من رازقهم.
وذات يوم أتت أصحاب الحجر معجزة السماء لعلهم يتقون أو يعودون إلى صوابهم.. كانوا يباشرون معايشهم اليومية وسمعوا صوتا عظيما من الجبل وفوجئوا بناقة تخرج من قلب الصخور.. وكانت هذه الناقة بداية نهايتهم فقد كانت “ناقة الله” التي تتجول بينهم وكانت ناقة عظيمة تشرب في يوم مائهم كله وفي اليوم التالي يعوضهم الله بماء غيره.. وكانت هذه الناقة تجود عليهم بحليب وافر يساوي نفس كمية الماء التي شربتها
أنهوا حياتها بعد أن كانت مصدر الخير
لم تكن هذه الناقة تتسبب في أي خطر عليهم بل كانت مصدر للخير والأمان.. ووعظهم نبيهم حولها كثيرا لكنهم لم يقبلوا نصائح وقرروا التخلص من تلك الناقة من دون ان يستمعوا إلى تحذيرات نبيهم.. وأمهلم الله من بعدها ثلاثة أيام للعودة إلى صوابهم والاعتذار عما بدر منهم فلم يفعلوا.
انقضت الثلاثة أيام ومعها حياتهم بعد أن أرسل الله عليهم صيحة طهرت الأرض من ذنوبهم.. وأصبح وادي الحجر دليلا على عصيانهم حتى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أمر الصحابة بألا يدخلوه إلا باكين موعظة واعتبارا لما حدث.