في ظل التهديدات باندلاع نزاع عالمي وشيك، وفي أعقاب الأزمة الجارية بين موسكو وكييف، صادقت الحكومة الروسية على اتفاقية تعاون مع الحكومة المغربية في مجال الطاقة، من بينها إنشاء محطة نووية في الأراضي المغربية فما القصة؟
شهدت العلاقات الروسية المغربية تقاربًا ملحوًظًا على كافة المستويات وذلك منذ زيارة ملك المملكة المغربية محمد السادس لروسيا منذ حوالي 5 سنوات، ونتيجة لذلك التقارب أعلن مجلس الوزراء الروسي أن موسكو صادقت على توقيع اتفاقية تعاون مع الرباط في مجال الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
وتنص الاتفاقية على التعاون بين البلدين في 14 مجالًا على الأقل،حيث سيتعين على روسيا مساعدة المغرب في إنشاء وتحسين البنية التحتية للطاقة النووية، وتصميم وبناء المفاعلات النووية وكذلك محطات تحلية المياه ومسرعات الجسيمات الأولية، كما ستقدم روسيا أيضًا خدماتها وخبراتها في دورة الوقود النووي المستهلك والمشعة، وإدارة النفايات.
ومن المقرر أيضًا بحسب الاتفاقية أن تساعد روسيا المغرب في التنقيب عن رواسب اليورانيوم وتطويرها ودراسة قاعدة الموارد المعدنية في البلاد، وتدريب العاملين في محطات الطاقة النووية، كما ستتولى روسيا أيضًا مسؤولية تدريب موظفي الوكالة الحكومية المغربية المسؤولة عن التنظيم والأمان النووي.
ويرجع قرار الاتفاقيات بين البلدين إلى عام2017، أي بعد مرور عام على زيارة ملك المغرب لروسيا، حيث زار رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف المغرب، لترؤس توقيع ما لا يقل عن 11 اتفاقية تعاون بين المغرب وروسيا، كان من بين هذه الاتفاقيات، توقيع مذكرة تفاهم تتعلق بالاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وبحسب التقارير فإن منطقة أكادير هي الآن في موقع الصدارة لاستضافة أول مشروع لمحطة الطاقة النووية في المغرب، جدير بالذكر أن المغرب ظل يشغل مفاعلًا تجريبيًا في غابة المعمورة منذ سنوات عديدة.
أما عن سياسة المغرب الخارجية فقد شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً من خلال استراتيجيةٍ جديدةٍ، تمثلت بتنويع شركاء المغرب الاقتصاديين، من بينهم روسيا والصين، ولم يعد الأمر مقتصراً على الحلفاء التقلديين، كدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وبالنسبة للمغرب تعتبر روسيا الشريك الثالث لها خلال السنوات الأخيرة وذلك بعد مصر والجزائر، حيث إن الصادرات الروسية إلى المغرب ارتفعت بشكل غير مسبوقٍ بحوالى 20%، وهو مؤشر جيّد وفقًا للمحليين.
أما بالنسبة لروسيا فتعتبر المغرب أول بلد مصدر للمنتجات الريفية، كالطماطم والحوامض وصناعات النسيج، بالإضافة إلى العديد من المنتجات، التي تشمل الفحم والوقود الصلب المماثل، فضلاً عن البلاستيك والمواد المشتقة منه والمخلفات الأخرى من الصناعات الغذائية.
وقد كان موقف المغرب تجاه الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا محايدًا تمامًا، حيث إنه في بداية الأزمة وفي وقت تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين العملية العسكرية التي تشنّها موسكو في أراضي جارتها، نال القرار على تأييد 141 صوتاً لإدانة العملية العسكرية في حين امتنعت المغرب عن التصويت، ما طرح تساؤلات حول الموقف المغربي خاصة وأن المغرب تعد حليفًا للولايات المتحدة.
وجاءت التوقعات أن المغرب فضل عدم التصويت للحفاظ على المصالح الاقتصادية بين البلدين، واعتبار موسكو خياراً ثانياً للمغرب في حال وقوع أيّ خلافات مع الاتحاد الأوروبي في ما يخصّ المنتجات المغربية.