يترقب العراقيون ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية المتأزمة بعد انتهاء التهدئة التي شهدتها الأيام الماضية خلال مراسم زيارة الأربعين، وتتأرجح التحليلات بين استمرار التهدئة أو تصاعد النزاع بين التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الذي يضم جميع الكتل السياسية الشيعية الأخرى من جهة ثانية.
وبلغت الأزمة السياسية ذروتها في نهاية أغسطس الماضي، عندما اندلعت اشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، ثم ما لبثت أن علّقت معظم القوى السياسية أنشطتها وتصريحاتها الإعلامية خلال الأيام الأخيرة التي رافقت مراسم زيارة “أربعينية الحسين” التي انتهت السبت، ليأتي بيان رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي مؤكدا على أن العراق يمر بأزمة سياسية قد تكون الأصعب منذ عام 2003.
لكن في تطور جديد على الساحة العراقية، جدد تحالف السيادة العراقي تمسكه ببقاء رئيس البرلمان والقيادي في التحالف محمد الحلبوسي في منصبه، وذلك عقب اجتماع طارئ عقده في البرلمان، دعا فيه الكتل السياسية إلى إنهاء الانسداد السياسي في البلاد.
ودعا تحالف السيادة -وهو أكبر تحالف سياسي عراقي سُنّي- جميع القوى السياسية إلى رفض الاستقالة التي كان الحلبوسي تقدم بها الاثنين الماضي، ومن المتوقع أن يصوت عليها البرلمان اليوم الأربعاء.
وأكد في بيان عقب اجتماع في منزل زعيمه خميس الخنجر حرصه على إجراء حوار وطني جاد ينهي حالة الانسداد السياسي ويفتح أفقا جديدا من العمل السياسي.
وأضاف البيان أن التحالف جاد في العمل بحزم لمنع أي احتكاك أو تصعيد يضر بالسلم الأهلي ويعرض الشعب ومؤسسات الدولة لأي مخاطر.
من جهته، قال عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف “السيادة” سالم العيساوي إن التحالف بكافة أعضائه رفض تقديم الحلبوسي لاستقالته، ودعا جميع الكتل إلى عدم التصويت في جلسة الأربعاء.
ومنذ أيام قدّم الحلبوسي استقالته من منصبه، في حين حدد البرلمان يوم الأربعاء 28 سبتمبر، موعدا للتصويت عليها.
ويعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى منذ الأحداث الدامية التي ضربت البلاد في 29 أغسطس الماضي، والاعتصامات التي نفذها أتباع التيار الصدري داخل مجلس النواب.
ووفق المادة 12 من قانون المجلس لعام 2017، فإن استقالة أحد أعضاء هيئة رئاسة المجلس، أي رئيس المجلس أو النائب الأول له أو النائب الثاني له، تُقبل بعد موافقة المجلس بغالبية عدد أعضائه الحاضرين (النصف +1)، على أن ينتخب المجلس بالغالبية المطلقة خلفًا له في أول جلسة يعقدها.
وفي سياق آخر، قال رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم محمد عبود، إن الخلافات السياسية هي السبب الرئيسي للانسداد السياسي في البلاد، مؤكدا أن حل البرلمان ليس من اختصاص المحكمة الاتحادية.
وفيما يتعلق باستقالات التيار الصدري، قال إن هناك دعاوى عدة أقيمت بخصوص الطعن باستقالة نواب الكتلة الصدرية وقد رد بعضها.
وأكد عبود أن المحكمة الاتحادية قد تعدل على آرائها بما لا يخالف الدستور إذا كان ذلك في مصلحة الشعب. بحسب تعبيره.
إلى ذلك توافد متظاهرون عراقيون، نحو بوابات المنطقة الخضراء في بغداد. فيما أشارت تقارير إلى أن أنصار الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، اقتحموا مجدداً المنطقة الخضراء، التي تضم مقار الحكومة في العاصمة العراقية.
وشوهد أنصار الصدر وهم يلوحون بالأعلام بينما تتجمع قوات الأمن حولهم.في غضون ذلك، تعهد المرشح لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني، بعدم إقصاء التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر من الحكومة العراقية المقبلة، في حال قرروا المشاركة فيها.
وقال السوداني في تصريحات صحفية “لدي رؤية وبرنامج عمل للحكومة المقبلة ولا مانع من الجلوس مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من أجل مصلحة العراق ولا يمكن لأي شخص أن ينفرد بإدارة البلاد ولا يوجد تحفظ على مشاركة الكتلة الصدرية في الحكومة المقبلة”.
ويشهد العراق مأزقا سياسيا شاملا منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، مع عجز التيارات السياسية الكبرى عن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء المقبل وطريقة تعيينه.
وعُقد البرلمان آخر مرة في 23 يوليو الماضي، وبعد أيام قليلة من ذلك اقتحم أنصار مقتدى الصدر مجلس النواب، قبل أن يعتصموا لمدة شهر في حدائقه، وبلغ التوتر ذروته أواخر أغسطس الماضي عندما وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر ومناصري الإطار التنسيقي وقتل فيها العشرات.