يبدو أن المشهد العراقي سيتجه الي حالة من التهدئة الأيام المقبلة وذلك عقب التصعيد الكبير الذي قام به أنصار الصدر على خلفية قيامهم بمحاصرة دار القضاء والإعتصام أمامه ودخولهم القصر الرئاسي عقب إعلان مقتضي الصدر إعتزاله العمل السياسي وإعتراضا على تشكيل الحكومة من الإطار التنسيقي حيث طالب الصدر أنصاره بالتهدئة .
ففجأة تغيرّ المشهد في العراق بعد كلمة لمقتدى الصدر الذي وبخ أنصاره وأمرهم بالانسحاب خلال ساعة. وفي حين أشاد الصدر بقوات الأمن رأى آخرون أن الدولة كانت غائبة. فإلى أين يتجه العراق بعد “لعبة حافة الهاوية” بين الصدر وخصومه؟
بكلمة مقتضبة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغير المشهد من إراقة الدماء واحتمال بلوغ نقطة اللاعودة إلى الهدوء فجأة، طلب مقتدى الصدر من أنصاره الانسحاب خلال 60 دقيقة ، الانسحاب من المنطقة الخضراء ومن كل مؤسسات الدولة، فانسحبوا مباشرة بعد ختامه لكلمته. منهم من يحمل السلاح ومنهم من يحمل قناني المياه فقط، انسحبوا من المنطقة الخضراء بعد 24 ساعة من المواجهة المسلحة مع قوات أمنية أدت إلى 30 قتيلا ونحو 450 مصابا.
وفي هذا الإطار ، وصف الرئيس العراقي برهم صالح دعوة مقتدى الصدر أتباعه بإيقاف الاحتجاج وإنهاء الإعتصام بأنه”موقفٌ مسؤول وشجاع وحريص على الوطن ومحل تقدير عالٍ من العراقيين”.
وقال صالح في خطاب متلفز إن “موقف مقتدى الصدر لوقفِ الأحداث الأخيرة شئ جيد وينبغي استثماره لصالح الخروج ببلدنا من الأزمة السياسية الراهنة عبر حلول مسؤولة ضامنة لتحقيق تطلعات الناس”.
وأضاف إن “الانتخابات الأخيرة لم تُحقق ما يأملهُ المواطن وواجهت الكثير من الإشكالات والتحديات والتأخير في تلبية التوقيتات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة، وقضية استقالة الكتلة الصدرية الفائزة في الانتخابات، وما لها من آثار سياسية واجتماعية جسيمة”.
وأوضح أن “الأغلبية الصامتة التي قاطعت الانتخابات الماضية والتي شكّلت أكثرُ من نصف الناخبين العراقيين هو جرس إنذار وعقابٌ للأداء السياسي ويجب التوقف عند ذلك والتفكر كثيراً”.
وقال إن الانتخابات في نهاية المطاف ليست غاية بل وسيلة ومسار سلمي يَضمنُ مشاركة واسعة للعراقيين في تجديدِ خياراتهم وتحقيق تطلعاتهم في الإصلاح.
ودعا الرئيس العراقي إلى” الشروع بإصلاحات حقيقية، وقطعاً لا منصب أو موقع أهم من مصلحة الوطن، والأهم هو إصلاح الوضع جذرياً لوقف دوامة الأزمات”.
وحذر من أن المحاصصة التي ترفض مغادرة واقعنا تُمثل إشكالاً خطيراً وعقبةٍ أمام الوصول الى الحكم الرشيد، وهي أبرز أسباب المشاكل في العراق، بل إنها سبباً في تعميق غياب الهوية الوطنية الجامعة لصالح هويات فرعية زجّت البلد ومواطنيه في توترات طائفية ومذهبية وعرقية.
كما دعا إلى إجراء “تعديلات دستورية في الفترة المقبلة وعبر الآليات الدستورية والقانونية، لبنود شهدنا جميعاً على مسؤوليتها لمشاكل مُستحكمة وكرّست أزمات وباعدت المسافات”.
وحث الرئيس العراقي قوى الإطار التنسيقي إلى التواصل مع الصدر لتهدئة النفوس، والخروج في هذا الحوار الوطني بحل سياسي حاسم يتناول قضية الانتخابات الجديدة المُبكرة وتشكيلة الحكومة وإدارة الفترة المقبلة.
ودعا إلى إجراء حوار جاد بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان يضعُ حلولا جذرية دائمة لا ترقيعية.
وبالتزامن مع ذلك لوح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بتقديم استقالته إذا تعقدت الأمور خاصة عقب إنتهاء حياة الكثير من الأشخاص بسبب تلك الأحداث قائلا :”سأعلن خلو منصبي في الوقت المناسب إذا تعقدت الأمور وأحمل المسؤولية للمتورطين”.
وأفاد الكاظمي بأن السلطات فتحت تحقيقا بشأن إنتهاء حياة الكثير من المتظاهرين. وكشفت مصادر طبية صباح عن ارتفاع حصيلة الاشتباكات في بغداد إلى 23 شخص فقدوا حياتهم وما يزيد على 500 مصاب.
وأكد المسؤول العراقي على ضرورة الكشف عن المتورطين فيما حدث في المنطقة الخضراء في بغداد. وذكر برهم صالح، في كلمة إلى الشعب العراقي، إن استمرار الوضع الراهن سيمكن الفساد أكثر ويهدد الدولة، مضيفا أن إجراء انتخابات مبكرة وفقا لتفاهمات وطنية يعد مخرجا من الأزمة.
وأضاف الرئيس العراقي “نحن بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعالج الخلل في منظومة الحكم، لافتا إلى إن “الأزمة السياسية مرتبطة بمنظومة الحكم وعجزها”.
وأشار برهم صالح إلى ضرورة إطلاق حوار وطني شامل يضم جميع القوى، موضحا أن الحوار الوطني يجب أن يركز على كيفية إجراء الانتخابات المبكرة وتشكيل الحكومة.
ورحبت بعثة الأمم المتحدة في العراق، بدعوة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنصاره إلى الانسحاب من الشارع، لعدم سقوط المزيد من الأشخاص.
وخلال مؤتمر صحفي عقده، في النجف، لفت مقتدى الصدر إلى أن الشعب العراقي هو “المتضرر مما يحدث” في العراق، مضيفا: “كنت آمل أن تكون الاحتجاجات سلمية وطنية”.
واستجاب أنصار التيار الصدري لدعوة الصدر إلى الانسحاب الفوري من الشارع وإنهاء الاحتجاجات التي عمت مناطق واسعة من البلاد، يوم الاثنين.
وفي الختام هل تعتقدون أن تلك الخطوات التي قام بها السيد مقتدى الصدر ورئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي سوف تساهم في تهدئة الشارع السياسي العراقي أم ستظل الأمور على ماهي عليها حتى إشعار أخر .