وصلت الحكومة العراقية إلى مرحلة عندما يكمن الشيطان فى التفاصيل، ففشلت فى الحكومة التى تعثرت ولادتها أكثر من عام فى الوصول إلى التشكيل النهائى للحقائب الوزارية.. ماذا يحدث فى العراق؟
فشل رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني، فى تسمية وزراء حكومته، التى جاءت بعد ولادة متعثرة وخلافات طويلة لأكثر من سنة بين مكونات الدولة العراقية.
ويبدو أن النجاح فى تسمية رئيس وزراء مكلف كان نجاحًا مؤقتًا للعملية السياسية فى العراق، فما لبث أن وصلنا إلى مرحلة «شيطان التفاصيل» خلال مفاوضات توزيع الحقائب على القوى المتحالفة لتشكيل الحكومة.
حيث تتناز الأحزاب الشيعية للاستحواذ على حصة زعيم التيار الصدري التي شغلها خلال الدورات السابقة، بعد أن تراجعوا عن فكرة تأجيل تسميتها إلى حين التفاهم مع الصدريين الرافضين لتشكيل الحكومة بعد انسحابهم أيضًا من البرلمان.حيث تدفع أحزاب شيعية للاستحواذ على وزارات التيار، قبل أن يتفقوا على تسمية ثلاث وزارات من أصل خمس.
وكانت قوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران عرضت على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المشاركة في الحكومة القادمة طبقاً لوزنه الانتخابي قبل انسحابه من البرلمان، وذلك بمنحه 6 وزارات هي نصف وزارات الشيعة، إلا أن الصدر أعلن رفضه لهذا العرض، كما أعلن براءته من أي مسؤول صدري حالي أو سابق يمكن أن يشارك في حكومة السوداني تحت غطاء مشاركة الصدريين.
وتعكس طبيعة المفاوضات الجارية، والرغبة في حسم التشكيلة الوزارية بأسرع وقت، رغبة القوى الشيعية الموالية لإيران في استثمار هذه الفرصة التي وفرها لهم انسحاب التيار الصدري من المعادلة.
ولكن الشيطان الذى يكمن فى التفاصيل، بدأ يعرقل بالفعل مسار المفاوضات بسبب خلافات بين القوى الثلاث، السنة والكرد والشيعة،على وزارات سيادية وخدمية، كالنفط والإسكان، إلى جانب نزاع مواز داخل التحالف السني على تسمية وزير الدفاع.
ووفى محاولة لتلافى أى خلاف، أكد الإطار التنسيقي الموالى لإيران، استثناء وزارتي الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية، بما يضمن تحقيق حكومة خدمة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري، لكن المؤشرات تفيد بأن المنصبين لن يخرجا عن تقليد سياسي دام عقدين.
وأكد مراقبون أن خلافا على وزارة واحدة أعاد المفاوضات إلى نقطة البداية، لأن الحصص مرتبطة ببعضها ضمن المعادلة وأي تعثر في واحدة منها يحول المشاورات إلى لعبة “السلم والثعبان”.
كما تسببت بعض الكتل الشيعية، فى تعميق الخلاف بعدما طلبت مراجعة حصصها فى الحقائب الوزارية بعد حصولها على مقاعد إضافية لانضمام نواب مستقلين إليها، ما فتح الباب لخلاف آخر على آلية احتساب الوزن الانتخابي لكل كتلة.
كل هذا ولم تحدد رئاسة البرلمان موعداً لعقد جلسة التصويت على حكومة محمد شياع السوداني، وفي وقت تضاربت الأنباء بشأن عدد الحقائب التي أصبحت جاهزة ومعدة للتصويت بحيث تنال الحكومة الثقة بها، لكونها أكثر من النصف المطلوب، لكن خلافات اللحظات الأخيرة عقدت المشهد مرة أخرى.
على الجانب الآخر من الخلافات السياسية داخل البرلمان، على تولى الوزارات تم إطلاق الدعوة إلى تظاهرات يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي، بمناسبة الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر عام 2019.. فهل تنجح حكومة السودانى فى الانتهاء من توزيع الحقائب الوزارية وحل المشاكل المتجذرة فى الشارع العراقى منذ عام 2003؟