أسفرت اجتماعات متتالية على أعلى مستويات السلطة ضرورة النزول إلى الشارع في أسرع وقت لتحييد المخاطر التي باتت تهدد عرش المرشد.
فجأة ظهرت إعلاميا بعد أعوام من دور كان أقرب إلى السرية عن العالم .. بعد أن قضت مهسا أميني مضجعها اطارت النوم من عين رؤوسها بخصلات من الشعر ظهرت من تحت حجابها لتلقى مصيرها المحتوم وتدفع حياتها ثمناً لمجرد الظهور أمام ما يسمى شرطة الأخلاق التي حملت تلك القيمة اسما وفقدتها جوهرا ..
أمام سطوة نظام ضمن بالدين صورة لكرسيه ظاهرة لكنها أمام شعبه زائفة.. إذ أيقن ذلك النظام أن مهسا التي قضت بحكم قامت فيها شرطته بدور القاضي والجلاد في آن واحد.. لكن روح مهسا ألهمت شعبا بأكمله ليخرج مصمما على تغيير شامل أصر علي اجرائه مهما كان الثمن… حاول النظام الإيراني احتواء التصعيد ضده منذ أن رفع الإيرانيون في مسيراتهم ضده أعلام نظام الشاة..حيث بدأ نظام خامنئي يدرك أن ثمة غضب لن تطفئه التهديدات ولن تردعه قرارات التوقيف خارج نطاق القانون.. لم تفلح أجهزته ولا رجاله في السيطرة على شارع يحكمه صوت الشباب.
داعبت الاضطرابات المتصاعدة في الداخل الإيراني الخصم التقليدي الذي يناوئ طهران العداء .. فخرجت تصريحات من رأس الإدارة الأمريكية تعلن تضامنها مع الشباب الإيرانيين ليس لسواد عيون ملهمته مهسا أميني ولكن لتصفية الحسابات مع النظام الإيراني الذي ربما ظن المتابعون يوما أن ثمة أمل فيه التوصل لاتفاق سلام معه يجنب المنطقة ويلات مواجهة صعبة حال تمادت طهران في عنجهيتها وظلت تعيش في أضغاث أحلام القوة الوهمية..وبدا واضحا أمام العالم أن نظاما عجز عن توفير الأمن من حماقاته لمواطنيه سيكون أشد عجزا في توفيره لدول الجوار.
حاول النظام الإيراني مرارا اللجوء إلى الحل الأمني في حسم مسألة التصعيد الذي تشهده شوارع وجامعات البلاد ضده على أمل الحفاظ على حكم باتت مهددا بالزوال. لكن الحلول الأمنية لم تفلح في إسكات الشباب الذين صعدوا مطالبهم من محاسبة المتورطين ضد مهسا أميني إلى تغيير النظام ذاته.
مؤخرا أعلن المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري إلغاء شرطة الأخلاق من قبل السلطات المختصة، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إسنا) لكن خبراء يرون القرار محاولة للاحتواء؛ وهو أن كان قد صدر بشكل قانوني إلا أنه لا يعدو كونه تعليات من مرشد النظام الإيراني علي خامنئي .
تضمن القرار الذي جاء محاولة خافتة للتعامل مع نداءات الشباب الإيراني إن “شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها.
وأطلق على شرطة الأخلاق منذ إنشائها “كشك إرشاد” وطالما باشرت دوريات إرشاد بزعم الحاجة الماسة لنشر ثقافة الالتزام بالاحتجاجات. لكن منذ رحيل المواطنة مهسا أميني تحول الشوارع والجامعات الإيرانية إلى اعتراضات تشهد تصعيدا يوميا.