بعد إنقشاع الغبار وسكون الأرض، تسعى الدولة التركية إلى حصر خسائرها، وما حدث فى البنية التحتية من تدمير واضح، إلا أن ما حدث للسدود التركية لم يكن يخطر على بال أحد، إذ اضطرت إلى التضحية بمخزونها من المياه الذي تم جمعه خلال سنوات طويلة من أجل عدم حدوث كارثة أكبر قد تطيح بدول كاملة مثل سوريا والعراق.. ماذا يحدث فى تركيا؟
مع قوة زلزال الإثنين الأسود، شرق المتوسط والتصدعات التي أحدثها في عدة مرافق، تتصاعد المخاوف من تأثر السدود التركية.
وعلى الفور، في إجراء سريع وغير مسبوق، فتحت السلطات التركية سد أتاتورك، الذي يخزن 48 مليار متر مكعب من المياه خلفه، تخوفا من انهياره بفعل الهزات الارتدادية، والذي يعد من أكبر مشاريع المياه، وأكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في تركيا.
ويقع السد في الروافد العليا لنهر الفرات، على بعد 80 كم شمال غرب مدينة أورفة، وعلى بعد 600 كم من العاصمة أنقرة، بين مرتفعات هضبة الأناضول القريبة من الحدود السورية.
ومع فتح السد، اندفعت المياه بغزارة كبيرة نحو العراق، لتدفق المياه الحبيسة إلى زاخو في محافظة دهوك العراقية، وسط مخاوف من تسبب اندفاع المياه بعزارة إلى كارثة أخرى بعيدا فى العراق، الذي جفت أراضيه وسدوده بعد حجز تركيا المياه لسنوات طويلة.
كما أفادت وسائل إعلامية تركية، أنه تم فتح سد سلطان سويو في مدينة ملاطية لتصريف المياه منه كإجراء احترازي، أيضًا خشية من انهيار السد، بعدما تم رصد تشققات كبيرة فى السد على إثر زلزال الإثنين الأسود.
ويبدو أن السدود التركية هي المتهم الأول في حدوث الزلازل فى تركيا، فكشف أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الهاشمية، في الأردن أحمد ملاعبة أن السدود التي بنتها تركيا على حساب سوريا والعراق، لها دور جيولوجي في الزلزال الكبير الذي وقع فجر الاثنين الماضي.
وأوضح أن السدود لم تكن السبب المباشر لكنها ساعدت على وقوع الزلزال من ناحية جيولوجية، مبينا أن “السدود التركية بلغت ذروتها، وأصبحت من أكبر السدود في العالم من حيث المخزون، وأن هذه السدود بلغ مخزونها الاستراتيجي أكثر من 651 مليار متر مكعب”.
وأفاد بأن هذه “الكمية من المياه تؤثر على القشرة الأرضية وحتى على الأرض بالكامل، وتعادل عشرة أضعاف سد النهضة”، مضيفا: “كميات المياه هذه تعني الكثير أولا بالنسبة للأرض بشكل تام، إذ قد تؤخر ولو لثواني حركة دوران الأرض بسبب هذا الثقل، ولو توزعت المياه في أماكن أخرى في اليابسة قد تكون الأمور أسهل مما هو عليه الآن”.
وأشار إلى أن “المياه تتسرب خلال الشقوق والكسور والفواصل في الأرض فتنزل هذه المياه إلى الأحواض الجوفية وتكون هذه الأحواض بطبيعة الحال مشبعة بالمياه”، لافتا إلى أنه إذا “زادت المياه هذا يؤدي إلى تمددها وزيادة كمية الماء الذي تخزنه وأيضا تؤدي إلى عملية تمدد أو توسع للكسور الموجودة في الأحواض الجوفية وهذا يؤدي إلى خلخلة أو تكسير لهذه الفوالق وهذا ما حدث بالفعل”.