إغلاق الحدود وتعليق العمل بالدستور وحل الحكومة وإقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم، 4 مشاهد فى بوركينا فاسو لا تعنى إلا إنقلاب على الحكم.. فما هى القصة؟ وإلى أين ستاخذ التطورات الجديدة بلد الرجال النزهاء في وضع اقتصادي وسياسي عالمي مضطرب؟
انقلاب من داخل الانقلاب، هذا هو الوضع السياسى فى بوركينا فاسو بالبلد الذي يقع فى غرب إفريقيا، حيث أعلن عسكريون في بوركينا فاسو في بيان متلفز، إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم الذي تولى السلطة اثر انقلاب في نهاية يناير الماضى.
يبدو أن بوركينا فاسو أو بلد الرجال النزهاء، كما يتم تفسير معناها، لم يكتب لها الهدوء والأمل فى الغد، حيث صاحب الإعلان العسكرى إغلاق للحدود البرية والجوية اعتبارا من منتصف الليل، وكذلك تعليق العمل بالدستور وحل الحكومة لتدخل البلاد فى دوامة جديدة.
وتذوق رئيس المجلس العسكرى “داميبا”، من نفس الكأس الذي أذاقه للرئيس المنتخب روش كابوري، فلم يمر على حركته العسكرية سوى أشهر حتى تعرض هو الآخر إلى إنقلاب ليطيح به من السلطة.
داميبا الذي غالباً ما شوهد في الأماكن العامة مرتديا الزي العسكري ونظارات الطيارين الشمسية، فشل بوعوده بعدما كان تعهد باستعادة الأمن، إلا أن الجيش صار في حالة فوضى، وزادت خيبة أمل الناس العاديين الذين منحوه تأييدهم.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن التحرك العسكرى جاء للإفراج عن العقيد “إيمانويل زونغرانا” الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الجيش البوركيني والمعتقل منذ يناير الماضي، بسبب تصفية حسابات مع قائد المجلس العسكري المقال “داميبا”.
ومع الانقلاب الجديد دخلت بوركينا فاسو نفق مظلم، حيث لم يتم تسمية مجلس عسكري جديد أو الإعلان عن قائد جديد وهل سيكون العقيد “إيمانويل زونغرانا” أم هناك شخص آخر، ليترك 21 مليون من مواطنى بوركينا فاسو بين شقى الرحى وسط غياب أمنى وغياب للسلطة بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي العالمى الذي تعانى منه أغلب الشعوب.
ويبدو أن بلد الرجال النزهاء، لم تجد من يقدم لها يد العون ويخرجه من الانفلات الأمنى فتنتقل السلطة من رئيس إلى مجلس عسكرى ثم انقلاب جديد إلى مستقبل مجهول.
فعلى قدر غموض تفاصيل دوافع الانقلاب، يأتي الغموض حول شخصية قائده النقيب إبراهيم تراوري، وما هو معروف أنه الرجل القوي في واغادوغو الآن، والذي سيحدد سياسة البلاد المرحلة القادمة، وفيما يخص مناصبه:
إذ تولى رئاسة الحركة الوطنية للحماية والإصلاح “MPSR” وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري.
قبل الانقلاب، عينه داميبا، مارس الماضي، رئيسا لفوج المدفعية في منطقة كايا، خلفا له، وهي تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، وخامس أكبر مدينة في بوركينا فاسو، على بعد 100 كم من واغادوغو.
وتقول الباحثة البوركينية منى ليا، إنه حتى الأن لا يوجد إعلان حول هوية الرئيس المؤقت، هل سيكون “تراوري” هو الرئيس لمرحلة انتقالية جديدة أم سيتعين آخر، كذلك فإن مصير داميبا مجهول، فلم يوضح بيان “تراوري” هل تم اعتقاله أو التحفظ عليه.
ويتكون الجيش البوركيني من القوات البرية والقوات الجوية، والدرك، واللواء الوطني، والتجمع المركزي للجيوش.
لا تمتلك بوركينا فاسو قوة بحرية؛ لأنها دولة حبيسة، ويقدر عدد القوات بين 15000 و20000 رجل، أكثر من نصفهم يخدمون في الجيش.
ومنذ 2015 يمتلك الجيش 3 أفواج دعم، و9 أفواج قتالية، بما في ذلك 5 أفواج “مشاة كوماندوز” و1 فوج مظلات، تتوزع على 3 مناطق عسكرية، الأولى في كايا، والثانية في بوبو ديولاسو، والثالثة في واغادوغو.
وبجانب ذلك هناك فوج المنطقة المركزية “التجمع المركزي للجيوش”، ويتواجد في معسكري جيوم ويدراوغو وسانغولي لاميزانا في واغادوغو، إضافة لمفارز في مناطق متفرقة.
وتعانى القارة الإفريقية من ظاهرة الانقلابات العسكرية، فمنذ استقلال معظم دولها عن الاحتلال في ستينيات القرن الماضي، نشأ أكثر من 200 انقلاب عسكري، وفي الفترة من أبريل 2021 إلى يناير 2022 ضربت حمى الانقلابات القارة، خاصة جنوب الصحراء الكبرى، بأن شهدت 4 انقلابات، في بوركينا فاسو ومالي وغينيا وتشاد.