في ظل استمرار أزمة سد النهضة، والتحركات الأحادية التي تقوم بها أديس أبابا لشرعنة موقفها والقفز فوق المواثيق والاتفاقيات القديمة المنظمة للاستفادة من النهر الذي يمر بين دول الحوض، تحاول القاهرة والخرطوم اتخاذ بعض الخطوات لاحتواء ومحاصرة تحركات أديس أبابا، وظهر ذلك جليًا في زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان لإثيوبيا.. فما الذي وراء الكواليس؟
زار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إثيوبيا وعقد مباحثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على هامش انعقاد منتدى تانا حول قضايا السلم والأمن في أفريقيا، حيث أكد على إمكانية التوصل لاتفاق مع إثيوبيا في ملف سد النهضة.
تصريحات رئيس مجلس السيادة السوداني لم تأت من فراغ، وإنما ناتجة عن تنسيق بين القاهرة والخرطوم، حيث أن القاهرة اتخذت خطوات عدة مؤخرًا في هذا الملف، لمواجهة الجمود الذي فرضته الحكومة الإثيوبية على المفاوضات الخاصة بأزمة سد النهضة.
فكانت أولى تلك الخطوات، هو حشد الدعم العربي بما يؤثر على إثيوبيا، حيث إن هناك تحركات مصرية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تملك نفوذاً في الحكومة الإثيوبية، كما أن التقارب المصري الأخير مع قطر فتح باباً واسعاً أمام القاهرة في حل الأزمة الراهنة، حيث إن مصر تأمل بأن يكون موقف قطر داعماً لمصر في هذا الملف، من منطلق ما تملكه من علاقات مؤثرة في منطقة القرن الأفريقي وإثيوبيا.
كما أشار المحللين في ذلك الشأن أيضًا أن القاهرة والخرطوم يكثفان من تحركاتهما وجهودهما لدى كل من الإمارات والسعودية للمساعدة في حل الأزمة.
أما الخطوة الثانية فتتمثل في إفشال التحركات الإثيوبية التي تهدف إلى تضييق الخناق على مصر في القارة الأفريقية بشكل عام، ومجموعة حوض النيل بشكل خاص، وهو الأمر الذي تقوم به القاهرة على مستويات عدة، منها ما هو دبلوماسي، وما هو متعلق بالمشاركات والتعاون في المجالات الاستثمارية مع عدد من الدول المؤثرة في ملف النيل.
أما الخطوة الثالثة فتتمثل في تحركات مصرية في إطار مواجهة التحركات الإثيوبية، في منطقة القرن الأفريقي، والعمل على إفقاد أديس أبابا حلفاءها في تلك المنطقة، ومن ثم إضعاف محاور قوتها، ما يسهل من إمكانية الضغط عليها لاحقًا.
وبحسب المحللين فأن التحركات المصرية في كل من الصومال وجيبوتي، من أجل إعادة صياغة العلاقات المصرية مع الدولتين، بالشكل الذي يسمح بوجود مصري ضاغط في تلك المنطقة، يمكن استغلاله لاحقاً ضمن أوراق التفاوض مع أديس أبابا.
ورغم توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، عام 2015، يحدد الحوار والتفاوض، كآليات لحل كل المشكلات المتعلقة بالسد بين الدول الثلاث، إلا أن جولات المفاوضات المتتالية فشلت في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث على قواعد تخزين المياه خلف السد وآليات تشغيله، ونتيجة لعدم التوصل لاتفاق، تم تصعيد الملف إلى مجلس الأمن، الذي عقد جلستين حول الموضوع، دون اتخاذ قرار بشأنه.