«صلوا من أجل سد منيع وحصن حصين .. حتى لا ينهار فننهار معه، فمصيرنا والسد كإصبعين في كف بعد أن ظهرت مؤشرات الخطر»، يبدو أن ذلك هو السيناريو المتوقع في الخطاب السياسي الإثيوبي بعد المفاجآت الأخيرة.
أرادت إثيوبيا فرض سياسة الأمر الواقع طيلة سنوات كادت أن تجعلها على جيرانها عِجافاً خلال فترات ملء سد النهضة. وما أن تعالت أصوات مصر والسودان بوصفهما دولتي المصب لنهر النيل وطالبنا بأحقية الحضور الرسمي في إعداد الدراسات الفنية المتعلقة بسد النهضة، حتى بدأت أديس أبابا تطرح المبرر تلو الآخر.. وتتذرع بحقها في التنمية والزراعة وانتاج الكهرباء.
لكن انتاج الكهرباء – الهدف الرئيس لإنشاء سد النهضة – ظلَّ حلما بعيد المنال بعد تعطل توربنين من توربينات التوليد مائة يوم كاملة. فيما بدأت المخاوف تدب في قلب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي آحمد لظهور ذلك الخطر المفاجئ حيث رهن الرجل مصيره السياسي بمشروع سد النهضة.
بدت عملية توليد الكهرباء متعثرة.. وأحاطت مخاوف صانع القرار الإثيوبي بالسد من كل جانب فماذا يقول لشعبه وماذا هو فاعل جرَّاء الأخطار المرتقبة التي تهدد السلامة الإنشائية للسد.
مخاوف المائة يوم لم تكن تتعلق فقط بتأخر بدء التشغيل التجريبي لتوربينات توليد الكهرباء، وإنما كان سببها تراكم الطمي بمعدلات متزايدة خلف جسم سد النهضة أي أن سلامته الإنشائية ستكون مستقبلا على المحك. وقد تتأكد بذلك أساليب المكايدة السياسية التي انتهجتها إثيوبيا بشأن مزاعم الحاجة إلى إنتاج الكهرباء، فلا التنمية تحققت ولا الكهرباء تم إنتاجها.
دوامة سريعة ظهرت بشكل مفاجئ خلف السد الإثيوبي مؤخرا هدأت مخاوف أديس أبابا بشأن السلامة الإنشائية للسد والموقف من انتاج الكهرباء.
الخبراء يؤكدون أن عودة توربين سد النهضة إلى العمل بعد توقف دام أكثر من 100 يوم، ثبت بظهور الدوامة المشار إليه خلف جسم السد ما يعني بدء تسرب المياه إلى فتحات التوربينات.
وتشير التقديرات العلمية إلى أنه حال تشغيل التوربينين بكفاءة فإن المياه التي تفيض حاليا من أعلى الممر الأوسط ومقدارها حوالي خمسين مليون متر مكعب يوميا.
صور الأقمار الصناعية تظهر أن ثمة مشكلة واضحة في تشغيل توربينات سد النهضة الإثيوبي وهو ما قد يضطر أديس أبابا إلى إجراءات بديلة لضمان السلامة الإنشائية للسد؛ لأن تأخر تشغيل تلك التوربينات قد يؤدي إلى زيادة مضاعفة في تراكم معدلات الطمي خلف السد.
« تشغيل التوربينين سيضطر إثيوبيا لفتح إحدى بوابتي التصريف».. إلى تلك النتيجة خلص الخبراء المعنيون بالسدود والجيولوجيا، عازين ذلك إلى حاجة إثيوبيا الماسة إلى تقليل الضغط على جسم سد النهصة، وذلك من خلال تجفيف الممر الأوسط استعدادا للأعمال التحضيرية للتخزين الرابع.
ووفق تقييمات الخبراء يرتبط بقاء السد الإثيوبي، بالهضبة الإثيوبية المعروف جيولوجيا أنها تتكون من جبال بركانية بازلتية تكونت نتيجة وجود الأخدود الإفريقي العظيم. الموقف الفني الراهن للسد قد يضطر إثيوبيا يوما إلى مراجعة دولتي المصب بعد الاعتراف بصدق تقيمهما بشأن السد. لكن ذلك ربما يحدث بعد فوات الأوان.