هي حكاية أرض أمريكية تسيطر عليها روسيا منذ 100 عام.. مساحتها 7600 كيلو متر مربع إلا أنها أهميتها الاستراتيجية تفوق الخيال حيث حولتها موسكو من محمية طبيعية إلى قاعدة عسكرية تستطيع من خلالها استهداف الأرضى الأمريكية بسهولة.. إنها جزيرة رانجيل.. فما هي قصتها؟
التنافس بين القوى العظمى على الهيمنة والنفوذ الذي ظهر في العالم الحديث متعدد الأقطاب يتجلى بشكل متزايد في القطب الشمالي وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية في العالم وغنية بشكل استثنائي بالموارد الطبيعية، وتتزايد جاذبية القطب الشمالي وتنافس القوى العظمى حوله بسبب التغييرات الموضوعية التي تحدث في أقصى الشمال في أربعة مجالات مهمة “التكنولوجيا والاقتصاد والمناخ والقانون”، مما يساهم في التنمية الاقتصادية للمنطقة.
يؤدي تضارب المصالح، بشكل أساسي بين الولايات المتحدة وروسيا، إلى زيادة التوتر العسكري والسياسي، مما يحول المنطقة الطرفية التي كانت مهجورة ذات يوم في أقصى الشمال إلى منطقة عمليات عسكرية، لاسيما أن ترسيم الحدود البحرية وتحديد الحقوق في الأنشطة الاقتصادية هنا هو المشكلة الرئيسية، التوتر السياسي آخذ في الازدياد لاسيما مع تحويل روسيا الجزيرة من محمية طبيعية إلى قاعدة عسكرية.
فرفعت وزارة الموارد الطبيعية الروسية القيود البيئية في محمية جزيرة رانجيل الطبيعية التي تخضع لحماية اليونسكو حيث سيسمح للطائرات والمروحيات بالتحليق على ارتفاع 2000 متر فوق أراضي المحمية دون موافقة وزارة الموارد الطبيعية ومرور السفن خارج الممرات المائية العامة والأماكن التي تسمح بها إدارة المناطق المحمية، حتى يتمكن جيشها من إجراء مناورات عسكرية في الجزيرة البعيدة بالمحيط المتجمد الشمالي.
وطالبت وسائل إعلامية أمريكية، الولايات المتحدة باستعادة جزيرة رانجيل، التي استولت عليها روسيا من أمريكا عام 1924، فقبل مائة عام استولى الاتحاد السوفيتى على الجزر من المستوطنين الأمريكيين، الذين كانوا يقيمون فى الجزيرة.
وذكرت “وول ستريت جورنال”، أن الولايات المتحدة الأمريكية تنازلت لمرة واحدة فقط في تاريخها عن السيطرة على أراضيها لقوة عكسرية غير صديقة وأنه على الولايات المتحدة أن تطالب روسيا بعودة جزر القطب الشمالى المفقودة.
اليوم جزيرة رانجيل هي موطن لأحدث قاعدة عسكرية روسية، يمكن لبوتين من خلالها استهداف السيادة الأمريكية.
وفي الشهر الماضي، اعترض القوات الجوية الأمريكية قاذفات روسية كانت بالقرب من حدود ولاية ألاسكا الأمريكية، كجزء من عرض للقوة حيث تلعب جزيرة رانجيل دورًا استراتيجيًا.
يذكر أن البحرية الأمريكية أول من وطأت أرض الجزيرة فى 12 أغسطس 1881، وكانت المطبوعات الأمريكية والروسية اعترفت بسيادة الولايات المتحدة على رانجيل، وفي عام 1921 شهدت الجزيرة أول مجموعة من السكان الدائمين، إلا أنه بعد ثلاث سنوات في 20 أغسطس 1924 وصل الزورق العسكري السوفيتي أكتوبر الأحمر برفقة سرية مشاة من الجيش الأحمر، وأخذوا الحزيرة من الأمريكان وقادوهم إلى سجون موسكو.
رانجيل ليست أرضًا قاحلة في القطب الشمالي، وبصرف النظر عن قاعدتها العسكرية الروسية تتميز الجزيرة بأعلى كثافة في العالم لأوكار الدب القطبي وحيوانات الفظ في المحيط الهادئ، وأكثر من 400 نوع من النباتات و100 نوع من الطيور المهاجرة.
وتشير الدلائل إلى أن ما يقع تحت الأرض في رانجيل لا يمكن أن يكون أقل قيمة، بما في ذلك الكميات الكبيرة المحتملة من النفط والغاز والمعادن الأخرى.
ولفتت صحيفة وول ستريت جورنال، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن عليه أن يتذكر أهمية الجزر، فهو أدار بنفسه قبل ثلاثين عامًا مناقشة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول الجزر القطبية حيث قال السيناتور فرانك موركوفسكي إن التصويت لصالح معاهدة الحدود بين الولايات المتحدة وروسيا عام 1991 لن يضر بأي حال من الأحوال بالمطالبات الأمريكية المستقبلية المحتملة بالجزر.
أرض القطب الشمالى قد تشهد أعظم منافسة فى التاريخ الحديث بين موسكو والولايات المتحددة حيث لا يهدد اقتراب موسكو من البر الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل أن الخطر يأتى من أرض أمريكية تسيطر عليها موسكو وتضع عليها معداتها العسكرية.. فهل تنتقل الوقائع إلى القارة المتجمدة؟