معارك الشرف لا تنتهي، فدفاعك عن وطنك شرف تُنال عليه الكثير من الأوسمة والتقدير، لكن الأمر هنا كان مختلف تمامًا فذلك اللوح الشرفي الذي احتفيت به الحكومة البريطانية خلال حفل تنصيب الملك تشارلز الثالث ملكًا على البلاد، ويحوي كل المعارك التي نفذتها قواتهم، كانت سببًا في غضب الشارع المصري والسوري أيضًا.
فالشارع الذي حزن على رحيل الملكة إليزابيث الثالثة، أعادت تلك اللوحة جراحة مجددًا، حيث تذكر تلك المعركة التي لم يكن له يدًا بها سوى أنها تمت على أرضه، فما هي وما تفصيلها، هذا ما سنعرفه في الفيديو التالي:
استقبل الشعب المصري نبأ رحيل الملك إليزابيث الثانية بحزن شديد وبالغ، حتى أن القيادات كلها شاركت في دفتر عزائها، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار، والكنيسة المصرية، وحتى الأزهر الشريف.
لكن ما حدث في اليوم التالي، لم يتحمله الشعب المصري الممتليء تاريخه بالمعارك والبطولات والمحاولات الاستعمارية المتعددة طمعًا في أرضه الغنية بخيراتها.
ففي حفل تنصيب الملك تشارلز الثالث ملكًا على بريطانيا، كان من الضمن التقاليد التي تتبعها المملكة المتحدة هو عرض لوح الشرف الذي يرصد كافة انتصارات جيشها وقواتها، وكان يتوسطها شعار يحمل صورة تمثال أبو الهول المصري ، كدليل على ما تسمى بمعركة الشرف في مصر.
فدعنا أولًا نروي لك قصة معركة الشرف والتي أدمت ذكراها قلوب المصريين. في 13 مارس عام 1801، تفاجأ الشعب المصري بشن القوات البريطانية والهندية المساعدة لها، غارات جوية على القاهرة ودمشق، ضد عدوتها فرنسا التي كانت تستعمر مصر حينها.
سميت تلك المعركة باسم معركة ماندورا، والتي قادها السير البريطاني رالف أبركومبي، في أعقاب رحيل نابليون بونابرت عن مصر عام 1799، وذلك للتخلص من الحامية الفرنسية هناك.
تكون فيلق الجيش البريطاني، من 15300 رجل وصلوا إلى ميناء أبو قير الطبيعي على متن أسطول من 175 سفينة. إلى جانب 5500 شخص مما يسمى بالطليعة البريطانية، الذين وصلوا على متن قوارب بريطانية إلى ميناء الإسكندرية في 8 مارس.
وحينها عارضتهم قوة فرنسية قوامها حوالي 2000 وضعت على الكثبان الرملية المطلة على شاطئ الهبوط، وهي حركة معروفة باسم معركة أبوقير الثانية.
واستمرت تلك المعركة لفترة تجاوزت الخمس شهور، انتصرت فيها بريطانيا على فرنسا في المعركتين البحرية في أبو قير والبرية في إسكندرية، لتحتل فيما بعد هي مصر لأكثر من 60 عامًا.
وكتكريم لجنودها المشاركين في تلك المعركة، منحتهم فرنسا وسام ما يسمى باسم “شرف معركة مصر”، في 26 أغسطس عام 1801.
وفي نهاية الحملة الفرنسية في مصر وسوريا، منحت للوحدات البريطانية شارة أبو الهول، وظلت تلك الشارة أو النيشان، رمزًا متداولًا في بريطانيا كدليل على انتصار قوتها على فرنسا داخل الأراضي المصرية.
واستخدم بعدها في كل المعارك، بما فيها معركة الحرب العالمية.لتقتبسه فيما بعد بعض الدول الحلفاء حينها، كالجيش الهندي.
ثم تحول ليكون شعارًا للمخابرات الجوية الفضائية الأمريكية عام 1993 وحتى يومنا هذا. إلا أن ظهوره على لوحة الشرف البريطانية خلال حفل تنصيب تشارلز الثالث، أعاد فتح الجرح المصري والسوري القديميين، فتذكر الشعبين واقعة اضطرا لخوضها دون رغبة منهما، والآن تحتفل بريطانيا بها كانتصار لقواتها دون أن تآبه بمشاعر أيًا من شعوب تلك الدولتين.
ولكن برأيك هل كان ذلك انتصارًا أم هزيمة لحرية شعوب؟