لا زالت أرض وادي النيل تبوح بأسرار ثرواتها التي جعلت ذلك البلد العربي مطمعا لكثير من القوى الكبرى التي تأبي إلا استغلال ثروات ذلك البلد والحصول على خيراته بأي وسيلة.
أرض تضخ ذهبا وثروات في باطنها لا زالت بحاجة إلى سواعد الرجال والآليات الحديثة لإعادة اكتشافها في دولة تنمي إلى قلب العالم القديم حيث قارة أفريقيا التي تضعها كبريات الدول على رأس أولويات اهتماماتها.
القصة بدأت مع شاب سوداني لم يتجاوز عمره العشرين عاما.. قادته قدماه إلى مفاجأة أعادت صياغة واقعه وحياته وربما تجدد التأكيد على ما تملكه بلاده من ثروات كامنة كفيلة بضمان الأمن الاقتصادي لشعبي وادي النيل.
كل قوت يومه كان يجنيه ذلك الشاب من مهنته البسيطة في مجال الرعي يصبر يوما ويشبع آخر ويعيش بين المراعي الطبيعية قانعا بما ناله من رزق راضيا بحياته البسيطة.
دخل الشاب السوداني منطقة شهيرة في بلاده تسمى «فنقوقة الجبل» والمصنفة إداريا على أنها قرية من قرى جبل «موية» السوداني وبدت المنطقة أمام الشاب هادئة عادئة بينما كان بها باب الخير الوفير إلى مستقبله في باطن الأرض.
فجأة تبدل حال الشاب الذي كان دوامه من المحال وأصبح واحدا من كبار أثرياء السودان، ومن حينها بدأت الأقاويل تتردد بشأنه وبشأن ثروات السودان غير المعلنة.
كانت السيول التي تعرضت لها السودان مؤخرا كشفت عن «جرة من الذهب» مخبأة في باطن الأرض ولحسن نصيب الراعي السوداني دخل تلك المنطقة ولاحظ جسما معدنيا غيبا يظهر جزء منه على سطح الأرض بينما الجزء الأكبر منه مدفون في باطنها.
تحسب الراعي السوداني لذلك الجسم وبدأ يسأل نفسه: «ما هذا الشيء الذي ظهر جزء منه على سطح الأرض؟» رفض الشاب أن يلمس ذلك الجسم الغريب بيده بشكل مباشر وقرر أن يضربه بعصاه.
ما أن ضرب الشاب ذلك الجسم بعصاه حتى فوجئ بوهج وبريق شديدين يصدران منه كأن في الأمر شيئا خارقا.. وعندئذ اقترب الراعي رويدا رويدا من ذلك الجسم فإذ به «جرَّة من الذهب».
أخرج الراعي السوداني الجرة الذهبية وأخذ بنظر يمنةً ويساراً وهو في حيرة من أمره إلى أن استقر به الحال في مكان آمن قرر أن يفتح تلك الجرة فيه وهنا كانت المفاجأة غير المتوقعة التي غيرت مسار حياة الراعي وخرجت به من البساطة إلى الثراء.
أساور وقلائد وسبائك ذهبية تبهر الأبصار كانت في قلب تلك الجرة الذهبية التي أخرجها الشاب وخرج بعدها من حياة المثابرة والكدح إلى حياة لم يكن يوما يحلم بالوصول إليها مهما قويت قدرته على الإدخار.
وتبقى تلك الواقعة التي عاشها الشاب رواية محلية رائجة ردَّ عليه ابن عمه مؤكدا أن ذلك ما يردده أهالي القرية التي يعيش فيها الراعي السوداني. لكن ثراءه وراءه سر آخر.
تعود تفاصيل الثراء المفاجئ للراعي السوداني إلى دخوله للرعي في منطقة «فنقوقة الجبل» وما أن استقر في أحد المواقع لبدء للرعي حتى دخلتها مركبة تحمل رجلا وجهازا يدويا يتم استخدامه في التنقيب عن الذهب.
بعد أن وضع الرجل جهازه على الأرض أصدر إشارات بوجود معدن نفيس في باطنها وتم استخراج أجزاء منه. وقام ذلك الراعي بحمل ما أمكنه حمله من الذهب وترك الموقع على الفور مخافة أن يتعرض لأذى.
لم يكتف الراعي السوداني بذلك فما أن اطمأن قلبا وهدأت نفسه في مكان آمن حتى عاود التنقيب بنفسه عن الذهب وحصل على كمية منه ثم باعها. وما أن راجت قصته حتى ألهمت تلك المنطقة أعدادا كبيرة من الباحثين للتنقيب عن المعدن الأصفر في تلك المنطقة الغنية من مناطق السودان.
لا يتوقف الأمر عند قصة الراعي، فرسميا وصلت عائدات بيع الذهب خلال الستة الأشهر الأولى من عام ألفين واثنين وعشرين إلى أكثر من واحد فاصل ثلاثة من عشرة مليار دولار. ويصل احتياطي الذهب في ذلك البلد إلى ألف وخمسمائة وخمسين طُنا من المعدن الأصفر.
فهل تبشر تلك الثروات الكامنة في تجاوز شعبي وادي النيل أزماتهما وتؤدي للخلاص منها إلى غير رجعة؟