هى سيدة النحس بلا شك.. بدأت حياتها بوفاة ملكة بريطانيا التى ظلت فى الحكم لمدة 70 عامًا.. ثم انهار الجنيه الاسترلينى والاقتصاد البريطانى ثانى أقوى اقتصاديات أوروبا وطردها قط من مقر الحكم.. ماهى القصة؟
أعلنت ليز تراس رئيسة والوزراء البريطانية استقالتها وإجراء انتخابات الأسبوع المقبل لاختيار خلف لها، بعد مواجهتها النكسة تلو الأخرى وصولا إلى استقالة وزيرة الداخلية بعد جلسة صاخبة في البرلمان.
بدأت رئيسة الوزراء البريطانية، ولايتها كثالث سيدة تتولى رئاسة الوزراء فى المملكة المتحدة بعد مارجيرت تاتشر وتريزا ماى، بوفاة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا التى ظلت على العرش لمدة 70 عامًا.
فكلفت الملكة إليزابيث الثانية ليز تراس رسميا بتشكيل الحكومة البريطانية الجديدة، فى السادس من سبتمبر الماضى، وتم إعلان وفاتها بعد ساعات فى 8 سبتمر.ليكون وفاة الملكة أول نذير شئوم تمر به ليز تراس، حيث توفت الملكة بعد لقائها بأقل من 48 ساعة.
ومع تولى ليز تراس مقاليد الحكم، وضعت خطة اقتصادية للنهوض بالاقتصاد البريطانى فى ظل أزمة كبيرة وارتفاع مستوى التضخم، إلا أنها وبعدأسابيع قليلة تراجعت عنها وواجهت ضغوطا للاستقالة بعدما اضطرت لإلغاء خطة خفض الضرائب الكارثية التي تسببت باضطراب في الأسواق في خضم أزمة غلاء معيشة حادة.
ولم تصمد حكومة ليز تراس فى وجه الأزمات التى واجهتها، فبدأت بإقالة وزير السياسة التجارية كونور بيرنز، إثر ادعاءات بارتكابه “سلوكا جسيما غير لائق”، بعد نحو 4 أسابيع من تسمية الحكومة الجديدة.
ثم إقالة إقالة وزير المالية كواسي كوارتنغ، عقب أزمة الموازنة المصغرة وقرارات خفض الضرائب بعد حوالى 5 أسابيع من توليه منصبه.
إلا أن استقالة وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برايفرمان، الأربعاء الماضى زادت من الأزمات التي تُحاصر حكومة ليز تراس التي تراجعت شعبيتها، وسط محاولات داخل حزب المحافظين للإطاحة بها، بعد أزمة البرنامج الاقتصادي الذي نال انتقادات داخلية ودولية وعزز فرص المعارضة.
ودافعت تراس عن نفسها في مواجهة دعوات للاستقالة من المعارضة بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي، وقالت بنبرة تحد “أنا لست شخصا ينسحب”، إلا أن تصريحاتها لم تدم 24 ساعة ساعة وأعلنت استقالتها بعد 44 يومًا فقط فى منصبها لتكون أقصر حكومة بريطانية على الإطلاق.
وشهدت فترة تولى ليز تراس العديد من المفارقات، فإلى جانب الظروف الاقتصادية الصعبة والانتقادات التي تتعرض لها رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس إلى أن الصحافة انتقدتها بعد عدم استجابة القط لاري، صائد الفئران في مكتب رئاسة الحكومة البريطانية والذى كان شاهدًا على سابقيها ديفيد كاميرون وتريزا ماي وبوريس جونسون، لمداعبتها فى أكثر من مناسبة رسمية مما اعتبروه بأنها غير مرحب بها فى مقر مجلس الوزراء.
ومن المفارقات أيضًا أنه مع بداية الأزمات التى تلاحق الحكومة البريطانية بعد الميزانية المصغرة الكارثية، وضعت صحيفة Daily Star، فى يوم 14 أكتوبر الجارى صورة ليز تراس إلى جانب ثمرة خس فى بث مباشر للرهان على أطول مدة صلاحية، ففاز الخس وأعلنت رئيسة الوزراء استقالتها قبل أن تنتهى صلاحية الخس، وخرج عنوان الصحيفة : “الخس يفوز وليز تراس تغادر”.
ومن المؤشرات التى عجلت برحيل رئيسة الوزراء البريطانية، أيضًا تراجع قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة تصل إلى 0.3% أمام الدولار، بالإضافة إلى ارتفاع مؤشر التضخم بنسة 10.1%.
كذلك فشل الحكومة فى إيقاف سيل إفلاس الشركات البريطانية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع نسب التضخم والتى وصلت إلى مستوى قياسى خلال الربع الثاني من سنة 2022 فوصل عدد الشركات المفلسة إلى 5629 شركة.
ويرى مراقبون أن سقوط الحكومة الريطانية، ما هو إلا بداية فى ظل أزمات متتالية فى العواصم الأوروبية، بسبب ارتفاع أسعار الغاز والطاقة، بعد نجاح الاستراتيجية الروسية للرد على العقوبات الغربية، حيث تستخدم موسكو الغاز كورقة رابحة لزعزعة القرار الأوروبي وربما القضاء على تماسك وحدة الدول الأوروبية، وإشعال نار ثورات شعبية بسبب الفواتير الضخمة التي يدفعها المواطنون للكهرباء والتدفئة.
فشلت ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية التى سجلت فى التاريخ كآخر حكومة فى عهد الملكة إليزابيث وأول حكومة فى عهد خليفتها الملك تشارلز الثالث، وثالث حكومة يقودها سيدة بعد مارجريت تاتشر وتريزا ماى، فى إثبات جودتها فى مواجهة الأزمات وتلقت الهجمات من حزبها قبل أحزاب المعارضة، وخسرت أمام ثمرة خس فى مدة صلاحيتها.. فهل يتم اختيار خليفة لرئيسة الوزراء المستقيلة سريعا أم تدخل فى دوامة طويلة؟