أربعون يوماً وتَطوِي المواجهةُ الروسيَّةُ الأوكرانية عامها الأول، فيما تظل فرص بقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائمة أكثر من أي وقت مضى على الرغم من أن معادلة القوة في المقارنة بين مستوى الجيشين الروسي والأوكراني يأتي لصالح موسكو.. فما الذي يمنع بوتين من توقيف الرئيس الأوكراني؟
ميدانياً تُركِّز العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا على تحييد المخاطر المحتملة؛ لتَقَدُّم القوات الأوكرانية في خطوط المواجهة وتحديداً قرب المناطق التي سيطرت عليها روسيا عسكريا.
وسياسياًّ تريدُ روسيا إبقاء الرئيس الأوكراني وما تبقى من مؤسسات في دولته؛ وذلك بهدف وجود طرف يمكن التفاوض معه مستقبلاً في أوكرانيا، حتى لو كان ذلك التفاوض مساراً إجبارياًّ سيتم فرضه على «كييف» في حالة استمرار تطور الأوضاع الراهنة على الأرض.
بعد شهرٍ من اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، أظهر مقطع فيديو تم نشره تحديداً في شهر مارس الماضي، أظهر قواتٍ من الجيش الروسي تدخل منزل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
بعد تدقيق الفيديو فنَّدت وكالة الأنباء الفرنسية صحة ذلك المقطع وعزته إلى عمليات ملاحقة أمنية ليس للرئيس الأوكراني علاقة بها من قريب أو بعيد.
المواجهات المفاجئة التي يفتحها الجيش الروسي في العمق الأوكراني والتي طالت مؤخراً، العاصمة كييف في بنيتها التحتية. تلك المواجهات التي تتضمَّن رسالة إلى الجانب الأوكراني مفادها، أنَّ القوات الروسية قادرة على تحييد الرئيس الأوكراني ذاته. بَيْدَ أنَّ الرئيس الروسي لم يقرِّر بعد اللجوء إلى تلك الخطوة.
«هدفنا ليس إطالة أمد النزاع بلا نهاية، ولكننا على العكس من ذلك نريد إنهاء هذه المواجهة ونحن نأمل ذلك» كانت تلك التصريحات الصادرة من الرئيس الروسي إشارة واضحة إلى أوكرانيا.. لكن نهاية المواجهة ستكون حتما بقرار روسيا وليس بيد أوكرانيا.
ربما تريد روسيا، كِيَانات سياسية في الداخل الأوكراني يمكنها أن تمثل ذلك البلد المغلوب على أمره حال بدء مباحثات سياسية. لكن واقع الأحداث على الأرض لا يحمل أية إشارة بأن موسكو ستقدم على الحلول الدبلوماسية.
يعلم الجانب الأوكراني يقينا أن أي مباحثات محتملة بين موسكو وكييف، لا يمكن أن تتضمن شروطا بالتخلي عن تقدم القوات الروسية ميدانيا ميدانيا أو إنهاء السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية، خصوصا بعد أن أحكمت موسكو قبضتها على: دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا.
تريد روسيا أيضا استمرار السيطرة على المناطق الأوكرانية التي أخضعتها لها سواء بالسيطرة المباشرة أو بالوصول إلى آلية سياسية تضمن لها بقاء كيانات سياسية موالية لموسكو.
وفي ذلك السياق أيضا، لا تريد روسيا الإقدام على إجراءات ميدانية في المواجهة بينها وبين أوكرانيا يمكن أن يتم تفسيرها دوليا لغير صالح موسكو التي تباشر قواتها عمليات مباغتة تستهدف العاصمة الأوكرانية ذاتها؛ بهدف إجبار كييف على الدخول في مباحثات بشروط روسيا.
يرغب الجانب الروسي أيضا في الوصول إلى مستوى من السيطرة الميدانية الكاملة خلال المواجهة مع أوكرانيا بما يدفع كييف إلى مراجعة حساباتها، وذلك لأن واقع الدعم الغربي المقدم إلى أوكرانيا لا يمكن استمراره إلى الأبد.
وربما يفسر إبقاء الرئيس الأوكراني عدم رغبة موسكو في اتساع أمد الصارع أو اتخاذ إجراء بشأن زيلنسكي يدفع الأطراف الداعمة لكييف إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع موسكو.