ما بين مواعظ مثيرة للجدل ومشاهد تصدرها بترويج مقاطع فيديو قال «إنها دعوية» بينما يظهر فيها سيدات كُنَّ بحاجة إلى الملابس أكثر من حاجتهن إلى الوعظ، تحول الشيخ التركي إلى مصدر للإثارة بدلا من الوعظ دون أن يأبه لعاصفة الانتقادات المشروعة بحقه والتي أسست على ملاحظات لعلماء كبار أبدوا امتعاضهم لما يفعله.
فجأة تحول الرجل إلى حالة من التدين الخاص والمواعظ التي اعتبرها «عصرية»، بالفيديوهات الرائجة له إلى مصدر للإثارة وترك نفسه مادة خصبة للملاحظات العلمية والأخلاقية. جلساته التي غلبت فيها الدعاية على المحتوى الديني كانت مصدرًا لغضب الرأي العام، ليس في تركيا فحسب بل في أغلب الدول الإسلامية ذات المؤسسات الدينية الفاعلة.
مقاطع الفيديو التي راجت بشأن عدنان أوكتار أظهرته محاضرًا نفسيًا وليس داعية إسلامي. فضمت فتيات فاتنات تجلس إحداهن وعينها في عين أوكتار وقد أبهرها أسلوبه بينما ترتدي ملابس لا علاقة بأي جلسات وعظية في أي دين.
كان الأغرب في الترويج الدعائي للداعية المثير للجدل، هو ظهوره على شاشة التلفزيون محاطا بفاتنات على درجة عالية من الجمال، بينما يعظهن ويعظ بقية مريديه بضرورة التمسك بالقيم العليا للعقيدة وانتهاج التسامح. لكن الطامة الكبرى أن صاحب الفضيلة تلاحقه اتهامات تجعل ما قاله من مواعظ لم تبلغ آذانه هو شخصيا.
الكارثة التي حلت بمريدي ومتابعي عدنان أوكتار، أنه كان فعلا صاحب تأثير كبير عليهم على الرغم من أسلوبه المثير للجدل. لكنه نسي أو ربما تناسى أمرًا هامًا في مسيرته الدعوية. وهو أنه وعظ الناس كافة، وتجاهل نفسه. التي لهث وراء نزواتها ليكون مدانًا بالأدلة في العديد من القضايا المتعلقة باعتداءات أخلاقية وسرقة بيانات وترويج ممنوعات. دون أي اعتبار لقداسة ما روجه من قيم زعم أنه المدافع الأول عنها.
أمام جهات التحقيق التركية في إسطنبول تكشفت خيوط الجرائم التي أدين فيها أوكتار بالعديد من الاتهامات التي يصل مجموع عقوباتها إلى ما يتجاوز ثمانية آلاف وستمائة عام، في حكم كان الأشد بأسا في العقوبات المقررة في القوانين التركية. رأت المحكمة بعد تثبيت التهم أن المتهم الذي تصدر للوعظ والتوجيه الديني، كان هو الأشد فقرًا إلى تلك المواعظ التي وهبها لمريديه وحرم منها نفسه التي لم ترتدع لقيمة أخلاقية أو تحترم توجيها دينيا.
فتيات أوكتار اللائي أطلق عليهن «القطط الفاتنات» كنَّ الأكثر حضورًا بملابسهن المثيرة في جلساته الوعظية. التقطت وسائل إعلام تركية صورا أثناء تواجده معهن في مشاهد مثيرة للجدل والريبة، بينما قررت المحكمة التركية حسم مصيره بعد أربعة أعوام من اعتقاله لتصدر حكمها المشار إليه بسجنه وطي صفحة من الجدل والترويج لصورة زائفة.
الكارثة التي كشفتها أجهزة الأمن التركية أن الداعية الراقص أسس منظمة إجرامية وكان يعمد خلال ما يسمى بجلساته الوعظية إلى اللعب على وتر العاطفة وخداع بسطاء العلم من الطبقات التي أدخلها فخاخه لإجراء عمليات غسل أدمغة ممنهجة لهم، فيما قضت المحكمة التركية على عدد من أعضاء تلك المنظمة بالسجن.
يحمل تاريخ أوكتار المولود عام 1956 العديد من التناقضات فقد درس في جامعة سنان التركية، ونشر كتابا بعنوان أطلس الخلق وأنكر فيه النظريات التطورية وفرضيات علمية بشأن نشأة الكون والإنسان، وأثناء تفتيش الشرطة منزله في أحد إجراءات التتبع القانونية بحقه عثرت على ممنوعات في كتبه بينما أنكر ذلك.
طوى القضاء التركي صفحة الداعية الراقص ليشفي صدور دعاة وعلماء دين في تركيا وغيرها من البلدان الإسلامية رأوا في منهجه خطرا على الدين ذاته. وكان لسان حالهم بشأنه يقول: «ذئبٌ تراه مصليًا/ فإذا مررتَ به ركع/ يدعو وكل دعائه مالُ للفريسةِ لا تقع فإذا الفريسة أُوقعت ذهب التنسكُ والورع».