يعتبر الفنان الكبير يوسف وهبي أحد أعظم نجوم المسرح في تاريخ الفن المصري بل والعربي أيضًا، لما قدمه للمسرح من أعمال عالمية وتاريخية، جعلته يلقب بعميد المسرح الا ان هناك مواقف مثيرة في حياة يوسف وهبي .
يوسف وهبي قدم العديد من الأشياء للفن المصري، إلا أن أكثر وأهم ما قدمه هو احترام الممثل، حيث أنه قبل يوسف وهبي، كان الممثل يعامل معاملة المهرجين وكان أضحوكة للجمهور، حتى أتى يوسف بك ذلك الذي من العائلة الأرستقراطية واقتحم المجال، ليغير هذه الصورة، ويضفي المزيد من الثقل لهذه المهنة، التي كانت مهدور حقها إلى حد كبير.
ونستعرض خلال التقرير التالي، مواقف مثيرة في حياة يوسف وهبي عميد المسرح العربي، من حياته التي كانت مليئة بالمواقف الاستثنائية.
رفض مسرحيته بسبب شهر رمضان
في عام 1956 بدأت الفرقة المصرية الحديثة التي يترأسها الفنان يوسف وهبي، في إحياء موسمها بدار الأوبرا المصرية، والذي اختار له “وهبي”، مسرحية “كرسى الاعتراف” ليفتتح بها الموسم.
إلا أن ثمة أمر خطير حدث وقتها، وهو رفض المسئولين بوزارة الإرشاد للسماح للفرقة المصرية بأن تبدأ موسمها على مسرح الأوبرا بكرسى الاعتراف، وذلك لتزامن الموسم مع شهر رمضان، مشيرين إلى أن موضوع المسرحية لا يتناسب مع طبيعة الشهر الكريم، ومن ثم طالبت الوزارة يوسف وهبي بتغيير المسرحية.
الأمر قوبل بالرفض من جانب رئيس الفرقة، وأصر على أن يبدأ الموسم بهذه المسرحية، خاصة وأنه كان قد أنفق العديد من الأموال على الحملة الإعلانية للمسرحية.
موضوع المسرحية وقتها كان يدور حول الصراع بين الواجب الدينى والضمير الإنسانى، حيث اعترف القاتل وهو الشقيق لأحد رجال الدين بأنه قتل ويحكم القانون بالإعدام على شخص آخر.
وبعد مشادات عديدة نشبت بين الطرفين، ظل يوسف وهبي متمسكًا برأيه وحقه في عرض المسرحية، خاصة وأنه شدد على أنها لا تدعو لأي شئ منافي للدين، وظل الأمر، حتى اضطرت الوزارة للرضوخ إلى رغبة يوسف وهبي وتم عرض المسرحية، بعد أزمة كبير بين الفن والدولة، انتصر فيها وهبي للفن بكل تأكيد.
اتهام بالإلحاد
ربما كان اتهام الفنان يوسف وهبي بالإلحاد أكثر الأمور التي أثرت عليه في حياته، حيث أثرت عليه نفسيًا وفنيًا، واجتماعيًا أيضًا بعدما أثارت أزمة بينه وبين الملك فاروق.
وحول التفاصيل فإن يوسف وهبي عام 1926، كان يريد أن يجسد شخصية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، في السينما من خلال فيلم عالمي، إلا أنه وواجهته انتقادات شديدة من قبل علماء الأزهر الذين رفضوا ظهور الشخصيات المقدسة على شاشة السينما.
ونشرت وقتها صحيفة “الأهرام” مقالًا رفضت فيه ما يريده وهبي وطالبت علماء الدين بالبت في القضية منعا من اللغط وما أن ظهر المقال للعلن حتى فتحت النيران على الفنان الراحل وتساءل البعض كيف يجسد “وهبي” الرسول وما هي مؤهلاته ليقوم بذلك؟.
وحاول وهبي وقتها أن يقنع علماء الدين بالأمر إلى أنه فشل، وهدده الملك فاروق بسحب الجنسية المصرية منه، حتى تفهم وقتها أنه أمام مواجهة خاسرة حيث إنه يواجه النقاد والدولة والعلماء والجمهور، وانصاع للأمر وتراجع.
وبرر بعدها الفنان الراحل الأمر، بأنه كان يريد تجسيد النبي ليظهر الإسلام في صورته الصحيحة للغرب وأنه إن لم يقم بذلك سيقوم ممثل أجنبي به.
صفعه لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
في واقعة مثيرة للجدل، كشفها الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، قال إنه تعرض للضرب والإهانة من قبل الفنان يوسف وهبي قبل شهرته.
وحول التفاصيل، فأن عبد الوهاب كشف من خلال مذاكرته التي نشرت في مجلة الكواكب عام 1954، إنه في أحد الأيام شاهد الفنان يوسف وهبي، وكان منبهرًا به ما جعله يهجم على سيارته عندما نزل منها، وتقرب منه وحاول أن يقبل يده.
وتفاجأ عبد الوهاب وقتها بتصرف يوسف وهبي، حيث قام بصفعه على وجهه، وضربه بـ”الشلّوت”، وقال له: “امشي يا ولد.. يالا يا كلب يا ابن الكلب .. امشي من هنا”.
وتجمهر الناس حول عبد الوهاب، فقال لهم: “جريت أسلم عليه راح لعن أبويا وضاربني قلم”.
المثير في الأمر، أنه بعد سنوات أصبح محمد عبد الوهاب مطربًا وموسيقارًا كبيرًا واستأجر مسرح رمسيس الذي صُفع أمامه من يوسف وهبي، لإحياء حفلاته.
وفي إحدى المرات حاول موسيقار الأجيال تذكير وهبي بتلك الحادثة، واعتذر له يوسف وهبي قائلًا: “والله يومها لم أكن اتصور أن واحدًا من الشارع سيكون نجمًا عظيمًا”، إلا أن عبد الوهاب التمس له العذر عندما عرف شعور النجوم عندما يضيق عليهم الجماهير ويلفتون حولهم.
تحضير الأرواح
ربما لا يعرف الكثيرين أن الفنان الراحل يوسف وهبي، كان من أكثر الفنانين الذين يؤمنون بعالم تحضير الأرواح، ووصل الأمر أنه كان يعالج نفسه بها، وكان مؤمنًا بالأرواح ورسائل العالم الأخر.
وحول الأمر قالت الكاتبة لوتس عبد الكريم، أقرب الشخصيات للفنان الراحل، وذلك في كتابها عن الفنان يوسف وهبي إنها كانت تحضر معه جلسات تحضير الأرواح، بل وكشفت أغرب موقف شاهدته في حياتها.
في عام ١96١، أجري الفنان يوسف وهبي عملية جراحية في لندن بمستشفي “لندن كلينيك”، لإزالة المرارة، وبعد يومين أخبره الطبيب المعالج أن الجرح أصيب بصديد ولابد من المسارعة في علاجه خشية التسمم، وبدأوا يغلسون الجراح بالمطهرات ودخل “وهبي” في غيبوبة، وكان بين الحياة والموت.
فاستعان يوسف وهبي بطبيب روحاني شهير في إنجلترا يدعى “هاري إدوارذ”، إلا أنه أرسل له شخص ممن تعلموا التحضيرات الروحانية على يده.
وقام المعالج الروحاني بلمس الجرح من الخارج بيد مرتجفة، شعر وهبي بعدها بأنه كمن مسه تيار كهربائي، وذهب الرجل بعدها ورحل عن المستشفى، وبعد ذلك أتت الممرضة وأخبرت وهبي أنه لم يعد هناك أثر للصديد”.
وحول الواقعة، قال الفنان يوسف وهبي بنفسه: “أعلم أن هناك من لا يؤمن بوقوع هذه الخوارق، فقلت إن الخوارق لا يصدقها إلا من رآها رؤي العين”.
خسارة أمواله والعيش بأموال زوجته
من المعروف عن الفنان يوسف وهبى، أنه كان يدمن لعب القمار والرهان في سباقات الخيل والكلاب، وكانت زوجته تراقبه وهو يخسر الجولة بعد الجولة حتى أن يخسر كل ما معه ويلعب بأموال زوجته.
وأفلس يوسف وهبي في أواخر أيامه، ولم يعد يملك أي شئ من الثروة الكبيرة التي حققها فكانت ثروة زوجته هي التي حفظت له مظهره حتى آخر يوم.
وحول الأمر، علق يوسف وهبي في مذكراته ردًا على هذه الاتهامات قائلا: “لفقوا لي القصص اتهموني بأني قناص اصطاد الطير الضعيف, نهم في المتعة، حشاش، سكير، عربيد، جعلت من المسرح مصيدة سقطت فيها كثيرات من الضحايا والحقيقة كانت عكس ما لفقوه لي وما ابتكروه لتحطيم سمعتي أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا في محراب، أو متصوفًا، أو معصومًا من الخطأ والشهوات لكنني كغيري أيام الشباب والفتوة كنت استجيب أحيانًا للإغراء والجمال الا أنني لم أشرب الخمر ولم أتعاط المخدرات”.
انحناءه للملك فاروق وتقبيل يده
حدث شرخ كبير في علاقة الفنان يوسف وهبي والملك فاروق، بعد أزمة تجسيده للرسول في فيلم عالمي، الواقعة التي هدد فيها الملك فاروق الفنان الراحل بسحب الجنسية منه، وهو ما جعل علاقتهما متوترة بعض الشئ.
بعد ذلك حاول يوسف وهبي، إصلاح العلاقة بينه وبين الملك فاروق، فوافق على تقديم أغنية في فيلم “غرام وانتقام” عام 1944، تمجد العائلة المالكة وبعدها منحه الملك فاروق لقب “بك” من الدرجة الثانية.
وبعدها حضر الملك فاروق العرض الخاص لفيلم “غرام وانتقام”، بـسينما “ريفولي”، ووقتها ذهب إليه الفنان الراحل يوسف وهبي، ليصافحه، وانحنى له وقبّل يده.