جوع وفقر وموت مشاهد وأحداث لم يكن ليتوقعها أسوأ المتشائمين لمستقبل القارة العجوز، التي لطالما اشتهرت بالرخاء والتكنولوجيا المتقدمة، حيث تضع أزمة الطاقة الحالية فى أوروبا كل سُبل الحياة على المحك، آخرها وسائل الاتصال.. فما هى القصة؟
وضعت أزمة الطاقة فى أوروبا، سبل الحياة على المحك، فتجاوز الأمر الرفاهية وأصبحت الحياة نفسها فى خطر داهم فى ظل عدم وجود كهرباء أو تدفئة، فى خطوة قد تعيد القارة العجوز إلى عشرات السنين إلى الخلف لاسيما مع انقطاع وسائل الاتصال بسبب تعطيل شبكات الهواتف المحمولة مع النقص فى إمدادت الكهرباء.
ويخشى مسؤولون بقطاع الاتصالات، أن يؤدي الشتاء القارس إلى وضع البنية التحتية للاتصالات في أوروبا على المحك، مما سيجبر شركات وحكومات على محاولة التخفيف من حدة التأثير، مما يعنى توقف الهواتف المحمولة بأوروبا، فى مشهد لم يكن فى الحسبان أو يتوقعه أسوأ المتشائمين.
وحذر مسؤولين تنفيذيين في قطاع الاتصالات، من عدم وجود أنظمة احتياطية كافية في كثير من الدول الأوروبية للتعامل مع انقطاعات واسعة النطاق للتيار الكهربائي، الأمر الذي يزيد من احتمالية انقطاع خدمات الهواتف المحمولة.
وفى محاولة إنقاذ أخيرة قبل فوات الآوان، تسعى دول بالاتحاد الأوروبي، ومن بينها فرنسا والسويد وألمانيا، ضمان استمرار الاتصالات حتى إذا ما تسببت انقطاعات التيار الكهربائي في استهلاك البطاريات الاحتياطية المثبتة على آلاف الهوائيات الخلوية المنتشرة عبر أراضيها.
حيث يوجد على الأراضي الأوروبية ما يقرب من نصف مليون برج اتصالات معظمها به بطاريات احتياطية يمكن أن تستمر في العمل لنحو 30 دقيقة لتشغيل هوائيات الهواتف المحمولة.
وتسعى فرنسا لضمان أنه فى أسوأ السيناريوهات، يتم قطع الكهرباء عن المناطق في البلاد بالتناوب لمدة ساعتين، على ألا تتأثر الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والشرطة والحكومة.
وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة للدول الأوروبية لإنقاذ قطاع الاتصالات، إلا أن تلك المحاولات لم تعبر عن الواقع من حيث الأولويات.. والتى تضع الحكومات فى خيارات صعبة من حيث الاختيار بين الحياة بلا اتصالات أو الحياة من الأساس، فيهدد نقص إمدادات الغاز حياة ملايين المواطنين فى الدول الأوروبية فى ظل توقعات لشتاء قارس البرودة وبالتالى يوجد حاجة ملحة لتوفير التدفئة والكهرباء للمنازل.
وعلى جانب آخر يجب أن توضع الصناعات المهمة ضمن أولويات الحكومات لتوفير سبل الحياة للمواطنين، فتوقف المصانع عن العمل سيتسبب فى جوع وفقر وبطالة، وسيخلق أزمات لم تكن فى أسوأ كوابيس المواطن الأوروبى.
أخيرا وضعت أزمة الطاقة الحالية الدول الأوروبية بين خيارات وأولويات لم تكن تتوقعها على الإطلاق حيث من المتوقع فى ظل عدم إيجاد حل جرى للأزمة تحول دول القارة العجوز من النهضة الصناعية الكبرى إلى دول بالعصور الوسطى، يلجأ فيها الناس إلى الفحم للتدفئة.. دون اتصالات.. ولا غاز للصناعة، ليكون الشتاء المقبل أزمة حياة للدول الأوروبية.