لم يترك شبراً من غرب إفريقيا إلّا وحكمه، رصع حكمه بألماس المجد ، القائد الذي لم يهزم في الف معركة وكان يلقب بأسد افريقيا ، الماي إدريس ألوما حاكم مملكة برنو والكانم الإسلامية في غرب إفريقيا، ولم يذق ابدا طعم الهزيمة ..فما حكايته.
أنّ مملكة البرنو والكانم تأسست في القرن التاسع الميلادي، على يد أسرة من الأمازيغ البيض، هي الأسرة “الماغومية السيفية”، إذ هاجر آل سيف في تلك الفترة من الشمال إلى الجنوب،وأسسوا مملكة عُرفت بمملكة كانم، والتي تعتبر من أقدم الممالك التي تأسست في تلك المناطق
وقد بدأ الإسلام يظهر في المملكة مبكراً، لينتشر في القرن الـ11 الميلادي، وخاصّة بعد أن اعتنق أغلب ملوكها الإسلام. لم تتوقف المملكة الحديثة النشأة عند منطقة الكانم ببحيرة تشاد، فسرعان ما امتدّ نفوذها واتسعت رقعتها الجغرافية من نهر النيجر” غرباً إلى “دارفور” شرقاً.
وقد ضمَّت هذه الدولة الحديثة عدداً كبيراً من القبائلو الأعراق، وهذه القبائل كانت عبارة عن خليط من العرب والبربر والزنوج، وأبرز هؤلاء “الماي إدريس” الذي أشتهر بعد وفاته بإسم “الماي إدريس ألوما”.
حكم إدريس ألوما المملكة شاباً في عمر 25 سنة، ومكث في حكمها طيلة 33 سنة ويعرف هذا الماي بكونه أبرز ملك عرفته البرنو والكانم، ففي عهده عرفت هذه المملكة أوج قوتها.
فخاض الحروب شرقاً وغرباً ضد خصوم مملكته، بنحو 33 حرباً وألف معركة لم يتذوق فيها إدريس ألوما طعم الهزيمة، كما أن تعداد جيشه كان يصل إلى 70 ألف جندي. كما أنّ إدريس ألوما كان أوّل من أدخل الأسلحة النارية إلى معاركه مع القبائل المرتدة والمتمردة في غرب إفريقيا،
لم يهتم الماي إدريس ألوما بالحروب والتوسع في حكمه فقط، فقد كان الإصلاح التشريعي أحد إهتمامه، فاعتمد ألوما في الإدارة والقانون على الشريعة الإسلامي كتشريع أساسي، ولم يخف ألوما ملامح تدينه، فقام برعاية بناء العديد من المساجد في مملكته، كما قام برحلة حج إلى مكة المكرمة، وهناك شيّد دار إقامة لفائدة حجاج مملكته، وأنشئ مجلس شورى مكون من رؤساء أهم العشائر والقبائل لتوطيد أركان عرشه.
أمّا سياسته الاقتصادية، فكانت تعتمد على التجارة كمصدر أوّل لتمويل خزائن مملكته، فقد كانت مملكة البرنو والكانم منطقة مركزية لعبور القوافل التجارية العابرة للصحراء.
توفي الماي إدريس ألوما أثناء قيادته لمعركة ضد قبيلة باغريمي، بعد أن أصابه سهم أثناء عودته من المعركة
وتم دفنه لاحقاً في بحيرة” ألو” الواقعة جنوب مايدوغوري بنيجيريا حالياً ، ومن هنا جاء اسم ألوما الذي اشتهر به
وخلفه في الحكم أبناؤه الثلاثة متعاقبين في السلطة، وهم محمد بن إدريس، ثم إبراهيم بن إدريس وأخيراً عمر بن إدريس، الذي انتهى عنده حكم الأسرة الماغومية للملكة البرنو والكانم.
تراجعت مملكة البرنو والكانم تدريجياً بعد وفاة أعظم حكامها الماي إدريس ألوما، ودبّ فيها الضعف والهوان، لتنتهي أسطورة رجل لم يهزم في معركة قط