ترجع نشأة الفكر الاقتصادي إلي عصور بعيدة جدا في القدم حيث ترجع إلي ما قبل الميلاد، بداية من عصر الفراعنة واليونانيين والرومان، ثم العصور الوسطي، حتى نصل إلى تأسيس الفكر كعلم حقيقي هذا يرجع إلي القرن الثامن عشر، وتدرج الفكر الاقتصادي في عدة مراحل حيث ظهر في هذا القرن الفكر الاقتصادي التجاري، ثم الفكر الاقتصادي الطبيعي.
تاريخ نشأة الفكر الإقتصادي في العصور الوسطى
يعتبر الكثير من المفكرين والمؤرخين أن فترة العصور الوسطي هي فترة ركود وتخلف في جميع مجالات الحياة ومنها المجال الاقتصادي، لذلك سميت هذه العصور” بعصور الظلام ” وهي الفترة التي امتدت بين سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس عشر إلي سقوط القسطنطينية في منتصف القرن الخامس عشر .
فقد كان سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب والشرق, والإمبراطورية الفارسية, وظهور الدولة الإسلامية سببا كبيرا في انهيار العالم القديم وبداية مرحلة العصور الوسطي التي شهدت تيارين من الفكر الإقتصادي وهما:
1– الفكر الإقتصادي (الأوروبي)
2- الفكر الإقتصادي (العربي)
1-الفكر الاقتصادي(الأوروبي )
كان النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي ساد العصور الوسطى في أوروبا هو النظام الإقطاعي ، ويقوم هذا النظام على وجود علاقات متبادلة بين السيد والفلاحين . فالأرض من الناحية النظرية ، تابعة للإمبراطور ، ولكن ملكيتها الحقيقية للأسياد
الإقطاعيين ، وهم الحكام ، وتنقسم أرض كل سيد إلى قسمين ، قسم يحتفظ به لنفسه ، ويلتزم الفلاحون بزراعته له بدون أجر ، كما يلتزمون كذلك بتقديم بعض الخدمات له مثل العمل في قصره وقسم آخر يوزعه على الفلاحين ويلتزم كل منهم بزراعته والاستفادة من محصوله في نظير أن يقدم جزء منه لسيده ، ويلتزم السيد بحمايتهم .
هذا وكانت الزراعة في هذا العصر هي كل شيء تقريباً وكانت المبادلات محدودة وضئيلة ، كما كانت مبادلات عينية تتم باستبدال سلعة بأخرى دون الحاجة إلى نقود . هذا وفوق كل ذلك كانت توجد الكنيسة والتي احتفظت بمركزها في النظام الإقطاعي واندمجت فيه بحيث أصبحت جزءاً منه في العصور الوسطى ، ولكنه جزءاً متميزاً له سلطات وقوى كبيرة ، فلئن كان الإمبراطور يمثل السلطة الدنيوية فإن الكنيسة كانت تمثل السلطات الدينية أو الروحية .
2- الفكر الاقتصادي العربي في العصور الوسطى
يخطئ الكثيرون حينما يقصرون البحث في تاريخ الفكر الاقتصادي وتطور المذاهب الاقتصادية, علي تصورات مفكري الحضارتين اليونانية والرومانية (أفلاطون , وأرسطوا وغيرهما ) كنقطة بداية في البحث ثم يقفزون إلي القرن الثامن عشر مباشرة حيث عصر النهضة الأوربية, متجاهلين الجهود العلمية لمفكري الحضارة الاسلامية .
فقد عمل علماء و مفكروا النهضة الأوربية علي إنكار السابقين عنهم من المفكرين من علماء وفلاسفة العصور الوسطي، وأصروا علي ارتباطهم بأسلافهم الأوربيين فقط ( اليونان والرومان ) حتي أنهم اعتبروا العلم ظاهرة أوربية، تبدأ في المجتمع اليوناني والروماني وتنتهي في المجتمعات الأوربية الغربية ذات الحضارة التكنولوجية المعاصرة, متجاهلين إحدي الحضارات العالمية الكبري وهي الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي .
وبالرغم من إن كانت العصور الوسطى هي عصور الظلمات والتأخر بالنسبة للدول الأوروبية، فقد كانت متزامنة مع ازدهار حضاري عرفته الدول الإسلامية، فانتقل مركز الإشعاع الحضاري إلى جميع الدولة الإسلامية، و ازدهرت علوم كثيرة مثل: الفلسفة و العلوم، و التاريخ حافل بأسماء كبيرة نبغت في شتى العلوم منهم مثل الأنصاري، والجاحظ والماوردي وأبو عبيد القاسم بن سلام، وكان أبرزهم: ابن خلدون فكان الأبرز و الأكثر إبداعا في مجال العلوم الاجتماعية بما فيها من الاقتصاد.