هناك في ربوع دمشق، تألقت الدولة الأموية، واستطاع الخلفاء المتعاقبون أن يحفظوا مكانتها وازدهرت بلاد الشام بعد أن أصبحت موطن الخلافة، ولكن كيف تحولت تلك الدولة المهيبة إلى زوال؟ وما هي اللحظات الأخيرة في حياة الخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد ؟
إنها الدولة الأموية التي طالتها شذرات الفتن والثورات حتى هزت الاضطرابات معاقلها.. وأضحى الذين بيدهم دفة الأمور أنفسهم بين من يحملون معاول الهدم بالتنازع على الحكم.
خلال تسعمائة يوم في السنوات الأخيرة لحكم الأمويين تولى السلطة فيها ثلاثة خلفاء هم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وبعد ثورة أبناء عمومته ضده وإنهاء حياته تولى الخلافة اثنان من أبنائه هم يزيد بن الوليد، بينما تفلتت الأمور من بين يديه إلى أن توفي، ليليه في الحكم شقيقه إبراهيم.
إنهاء مسلسل الفوضى
قرر مروان بن محمد إنهاء مسلسل الفوضى وأقال إبراهيم بن الوليد من الحكم وولي هو الخلافة بثقة مفرطة بنفسه وجلس على عرش تموج به اضطرابات زلزلت حكمه من تحت قدميه.
ظلت الفتن تحيط بحكمه وما أن كاد يطفئ أزمة حتى تلوح أخرى، وسرت عدوى الفوضى من دمشق إلى الشام ذاتها التي سيطر على غضب أهلها ومنحهم حق اختيار حاكم لهم.
جعل مروان بن محمد “حران” مركزا لحكمه.. لكن الأمر في حِمْص كان على النقيض وهناك ظهر ثابت بن نعيم الجزامي، الذي قاد ثورة على الخليفة ، لكن الأخير قاد جيشا أنهى الأزمة. ووصفه المؤرخون بالشجاعة ومنهم الذهبي وقالوا عنه غنه كان في الحروب ” أصبر من حمار ” .
خطر المراجل المكبوتة
لكن المراجل التي كانت مكبوتة بالغليان في غوطة دمشق زادت اضطرابا واندلعت احتجاجات قرب حاضرة الخلافة الأموية ووصلت جرأة الثائرين إلى حصار مقر الخليفة الذي أخمد تمردهم عسكريا.
حاول مروان بن محمد رأب صدع الأمويين بالمصاهرة بين أبناء العمومة والأقارب وكان يريد بذلك أن يطمئن لرسوخ نظام الحكم ليركز جهوده في إخماد تمرد الخوارج في العراق.
هل تجدي المصاهرة نفعا؟
لكن المصاهرة لم تكن دواء ناجعا واندلعت في وجهه مؤامرة قادها صهره سليمان بن هشام بن عبد الملك في الرصافة، وأصبح أهل الشام الذي أرادهم الخليفة مددا ضد الخوارج هم أنفسهم من الثائرين ضد الخليفة تحت لواء صهره سليمان.
برغم إخماد الفتنة ظهرت أمام مروان بن محمد ثورة أشد وطأة بقيادة عبد الله بن معاوية في العراق وقاد الخوارج فتنة جديدة أشد ضراوة زاد من وتيرتها اشتراك رجال من الدولة الأموية فيها إلا أن مروان أخمد معظم المؤامرات.
الثائرون يتوجهون للشام
نشبت ثورة للخوارج جنوب الجزيرة العربية ثم طالت مكة والمدينة ومنها توجه الثائرون للشام، وبرغم القضاء على ذلك كله كان حكم مروان على موعد مع حلقة صعبة في تاريخه.
استثمر العباسيون تلك الاضطرابات وخرجوا عليه وتولى الداهية العسكري أبو مسلم الخرساني قيادتهم حتى انتهى بهم الحال إلى القضاء على الدولة الأموية وتمت مبايعة أبي العباس بالخلافة.
تأهب ضد الخطر
تأهب مروان بن محمد لدرء خطر العباسيين لإنقاذ ما تبقى من الدولة الأموية فتوجه إلى الموصل وانتهت مواجهة شديدة إلى هزيمة الأمويين
ظل مروان بن محمد يقبله بلد ويلفظه آخر فالمجهول أمامه والعباسيون خلفه يريدونه بأي ثمن حتى دخل مصر.. وفيها لاحقه العباسيون حتى أنهوا حياته في قرية «زاوية المصلوب» قرب الجيزة.