نراها شامخة، تناجي السماء بفروعها، ثابتة أمام عوامل الزمن بفعل جذورها الضاربة في الأرض. دائمًا ما ترتبط في الأذهان بالثبات والترابط، فنقول مثلًا «شجرة العائلة»؛ دليلًا على أن لتلك العائلة جذورًا،
وبعض البشر يتعامل مع الشجر على أنه شجر مقدس أو له قدرات علاجية في شفاء البشر، أو قدرة على تلبية طلبات اللاجئين إليه، بل إن هناك بشرًا تربطهم علاقة أكثر تعقيدًا بالشجر ، فما حكاية الشجر المقدس وهل حقا موجود ؟
هناك مذهب يسمى الأرواحية وهي الإيمان بأن كل الموجودات في العالم لها روح ولها قدرة على مساعدة البشر حتى النباتات والصخور.
وعلى الرغم من أن هذا الفكر ليس له وجود في الديانات الرئيسية المنتشرة في أنحاء العالم، فإن تلك النوعية من الإيمان يمكن رصدها في الشعوب القبلية، وفي معتقدات السكان الأصليين.
شجرة مريم
ومن أكثر الأشجار المقدسة تحت هذا المذهب، شجرة مريم فهنا جلست السيدة العذراء وابنها المسيحوقصة تلك الشجرة تعود إلى قصة رحلة العائلة المقدسة في مصر، حيث يؤمن المسيحيون بأن السيدة العذراء جلست تحت تلك الشجرة واحتمت بظلها هي والسيد المسيح.
لهذا فإن للشجرة مكانة كبيرة في الوعي الجمعي المصري المسيحي والمسلم، ويقصدها المصريون من جميع المحافظات بغرض التبرك بها والرجاء، سواء كانت من تلجأ إليها امرأة تتمنى الحمل أو الزواج، أو رجلًا يتمنى الشفاء من مرض ما، وقد نُسجت حول تلك الشجرة الكثير من القصص التي قد تصل إلى حد الأساطير، وتعد القصة الأشهر لتلك الشجرة هي قدرتها على شفاء جنود الحملة الفرنسية من مرض الطاعون بعد أن تناولوا المادة السائلة المستخرجة من فروعها.
شجرة العليقة
ونجد أيضا شجرة العليقة التي يطلق عليها الشجرة المشتعلة، والتي يُحكى أن النبي موسى ناجى الله من خلالها.
يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم، ليتركوا على الحائط المجاور لها أوراقًا مكتوبًا عليها أمانيهم وطلباتهم بلغات مختلفة، إيمانًا منهم بأن تلك الشجرة لها القدرة الروحية على تلبية تلك الأمنيات، ويُحكى عن تلك الشجرة أن النبي موسى كان يبحث عن حطب بجوارها كي يشعل نارًا للتدفئة، فتجلى نور الله في تلك الشجرة على هيئة نار تبعث الدفء، وكلما توهجت الشجرة بالنيران زادت خضرتها ولم تحترق.
في كل عام يسافر ما يقارب 50 ألف سائح مسيحي ويهودي ومسلم إلى دير سانت كاترين بمصر، حيث تقف تلك الشجرة شاهدة على التاريخ في مكان يُطلق عليه «مكان التقاء الأديان»
ثيماما ماريمانو
شجرة عمرها 6 قرون نبتت من جسد امرأة مخلصة، كانت ثيماما – وفقًا للأسطورة الهندية- تحب زوجها حبًا جمًّا، وعاشا حياة هادئة ورومانسية خلال القرن الخامس عشر في الهند، لكن القدر تدخل ليفرق بينهما حين أصيب زوجها بالجذام، وتوفي صريعًا بهذا المرض.
لم تترك الزوجة المُحبة هذا الزوج يرحل عن العالم وحده، وأحرقت جسدها يوم جنازته، لكن في لحظة احتراق جسد الزوجة على الأعمدة الخشبية، مد واحد من الأعمدة الخشبية جذوره في الأرض، وتوحدت ثيماما مع العمود الخشبي المتجذر في التربة لتتحول إلى شجرة لها قدرات خارقة!
هذه الشجرة ما زالت موجودة حتى الآن في الهند، ويطلق عليها «ثيماما ماريمانو» على اسم المرأة التي نمت الشجرة من رفات جسدها، وتبقى هذه الأشجار صاحبة مكانة روحانية مقدسة بين البشر وكلما مرت عليها السنين زادت قدسيتها