لا طالما ارتبط اسم اكتشاف أمريكا الشمالية باسم الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس، فيقول التاريخ إن كولومبوس اكتشف أمريكا الشمالية أو العالم الجديد عام 1492 خلال بحثه عن طريق للتجارة من إسبانيا نحو الصين، ولكن ذلك الأمر ليس حقيقيًا وإنما كان هناك قائد مسلم وصل إلى تلك الأرض قبل كولومبوس بعقود فاستحق موضوع كولومبوس أن يصفوه بالخدعة الأكبر في التاريخ… إذا أردت أن تعرف المزيد فابق معنا.
من أمير إلى أسير
في العام 1371 ولد “تشنغ هاه” أو «حجّي محمود شمس الدين» بمقاطعة يونن جنوب غربي الصين، لأسرة مسلمة، حيث يعود نسبه إلى سيد أجل شمس الدين عمر حاكم مقاطعة يونن، وكان جده الأكبر يدعى بايان أحد قادة جيش المغول.
وفي العام 1381، وقعت منطقته في يد جيش مينغ وأسروا “تشنغ هاه” مع من تبقى من أسرته، وأُرسل للعمل في البلاط الإمبراطوري، في خدمة الأمير، وكان الابن الرابع لإمبراطور الصين.
أثبت “تشنغ هاه” جدارته في فنون الحرب والدبلوماسية، فعينه الأمير ضابطاً في الجيش، ولحسن حظ “تشنغ هاه” أصبح الأمير إمبراطوراً، وبعدها بعام واحد جعل الإمبراطور من مساعده الوفي “تشنغ هاه” أميرالاً بحرياً.
كانت مهمته الأولى الإشراف على بناء أسطول بحري ضخم بغرض الاستكشاف الخارجي، وإرسال رحلات للدول الأجنبية وبناء علاقات صداقة وتبادل التجاري معها.
واستعداداً لتلك الحملات بنى “تشنغ هاه” أسطولا ضخما مكونا من حوالي 1180 سفينة من مختلف الأنواع والقياسات.
وانطلق بعدها في سبع رحلات أسطورية.
انطلقت الرحلة الأولى بـ 62 سفينة كبيرة، وطاقم ضخم بلغ قوامه 27800 فردا، كان منهم بحارة وأطباء وحرفيين ومترجمين وجنود.
بالإضافة إلى 255 سفينة أصغر بقليل، بعضها تحمل الخيول، وبعضها تحمل المياه العذبة للطاقم، وسفن تنقل القوات التي تحمي الأسطول، وباقي السفن امتلأت بآلاف الأطنان من البضائع الصينية الفاخرة للتبادل والتجارة.
زار الأسطول الصيني في هذه الرحلة جنوب شرق آسيا بالكامل وعبر دولا مثل فيتنام وتايلاند، ثم عبر المحيط الهندي على ساحل الهند، ثم وصل سريلانكا، وعندما واجه الأسطول مجموعة من القراصنة تمكن “تشنغ” من القبض على قائدهم، وعاد به أسيراً إلى الصين.
لم يشارك تشينغ هاه في الرحلة الثانية لكنه شارك في الثالثة وفوجئ بمفاجأة غير سارة، فعندما وصل أسطوله إلى سريلانكا لم يستقبلهم ملكها، وحضر جيشه لمهاجمتهم، لكن “تشنغ هاه” بخبرته العسكرية، هزم قواته على أرضهم، وأخذ ملكهم أسيراً إلى الصين.
الرحلة الرابعة كانت للجزيرة العربية وزار فيها الأسطول مكة المكرمة، ثم واصل طريقه إلى مصر، وزار الساحل الشرقي لإفريقيا ثم عاد إلى الصين ومعه سفراء من بلاد إفريقيا لزيارة الصين.
ثم كان هدف الرحلة الخامسة إعادة السفراء الأفارقة إلى بلادهم مرة أخرى والعودة، ثم ذهب في الرحلة السادسة إلى الجزيرة العربية مرة أخرى وعاد ومعه بضائع كثيرة.
كانت الرحلة السابعة آخر رحلة لـ “تشينغ هاه” فقد توفي في طريق عودته وكتبت نهاية عصر الاستكشاف وبدأ عصر جديد انغلقت فيه الصين على نفسها.
بعد وفاة “تشنغ”، أوقف المسؤولون الصينيون جميع الرحلات البحرية، ودمروا العديد من السجلات التي وثقت رحلاته، وضاعت معها كثير من تفاصيلها.
وبسبب أن تشينغ هاه كان يحمل معه تذكارا من كل دولة مكان يزوره، فإن بعض العلماء يعتقدون أنه وصل لأميركا قبل «كولومبس»، وانه أيضا استطاع استكشاف قارة أستراليا بناءً على القطع الأثرية الصينية التي عُثر عليها، بالإضافة إلى التاريخ الشفوي لسكان أستراليا الأصليين.