كرة القدم مليئة بالحكايات، بعضها مبهج يحقق فيه اللاعبون أحلامهم، وبعضها حزين ينتهي بالإحباط والخيبة.
في برشلونة، مهد المواهب العالمية، برزت أسماء لامعت مثل ليونيل ميسي، تشافي، ولامين يامال، لكن ليس كل من يخرج من أكاديمية لاماسيا يصل إلى القمة.
جيرارد ديولوفيو، الذي كان يُلقب بـ”ميسي الجديد”، هو واحد من هؤلاء الذين كانوا يحملون آمالاً كبيرة، لكن الإصابات والظروف حولت مسيرته إلى قصة محزنة قد تنتهي بالاعتزال المبكر وهو في الـ31 من عمره.
بداية واعدة في لاماسيا
ولد جيرارد ديولوفيو في 13 مارس 1994 في ريوداريناس بكتالونيا، وبدأ مسيرته الكروية في أكاديمية لاماسيا، حيث أظهر موهبة استثنائية منذ صغره.
كان جناحًا سريعًا، يمتلك مهارة فائقة في المراوغة وقدرة على التسجيل، مما جعل المدربين يرون فيه نجم المستقبل.
تألق مع الفريق الرديف لبرشلونة في دوري الدرجة الثانية الإسباني، وأبهر الجماهير بأدائه، مما جعله يُقارن بميسي في بداياته.
بحلول عام 2011، وهو في سن الـ17، ظهر لأول مرة مع الفريق الأول تحت قيادة بيب جوارديولا، ليصبح حديث الجماهير والإعلام.
صعوبات التأقلم مع الفريق الأول
على عكس لامين يامال، الذي أصبح في سن الـ17 نجمًا أساسيًا في برشلونة تحت قيادة هانزي فليك، لم يتمكن ديولوفيو من فرض نفسه كلاعب أساسي في الفريق الأول.
في موسم 2013-2014، قرر لويس إنريكي، مدرب برشلونة آنذاك، إعارته إلى إيفرتون الإنجليزي ليحصل على خبرة أكبر.
في الدوري الإنجليزي، أظهر ديولوفيو لمحات من تألقه، لكنه عانى من عدم الاستقرار بسبب قلة دقائق اللعب.
عاد إلى برشلونة لفترة قصيرة، لكن سرعان ما أُعير مجددًا إلى إشبيلية في 2014-2015، حيث حاول تحسين جوانبه الدفاعية تحت قيادة المدرب أوناي إيمري.
في 2015، انتقل ديولوفيو بشكل دائم إلى إيفرتون مقابل 6 ملايين يورو، لكنه لم يستطع أن يصبح النجم المنتظر.
بعد ذلك، أُعير إلى ميلان في 2017، حيث قدم أداءً مميزًا جعل برشلونة يفعل بند إعادة الشراء مقابل 12 مليون يورو في صيف 2017.
عاد ديولوفيو إلى برشلونة تحت قيادة إرنستو فالفيردي، لكن المنافسة الشرسة مع نجوم مثل ميسي ونيمار جعلته يلعب دورًا ثانويًا.
في يناير 2018، أُعير إلى واتفورد، قبل أن ينتقل إليه نهائيًا في صيف 2018 مقابل 13 مليون يورو.
تألق قصير في أودينيزي وكابوس الإصابات
في يناير 2021، انتقل ديولوفيو إلى أودينيزي الإيطالي، حيث استعاد جزءًا من بريقه.
أصبح أحد نجوم الدوري الإيطالي بفضل سرعته ومهاراته، وسجل أهدافًا حاسمة جعلت الجماهير تتذكر موهبته القديمة.
لكن الكابوس بدأ في يناير 2023، عندما تعرض لإصابة خطيرة في ركبته تمثلت في تمزق الرباط الصليبي الأمامي.
خضع لعملية جراحية، لكن الانتكاسات المتكررة أبعدته عن الملاعب لأكثر من عامين.
في يناير 2025، توصل إلى اتفاق مع أودينيزي لفسخ عقده بالتراضي، تاركًا إياه بدون نادٍ.
الإصابة لم تكن مجرد عقبة بدنية، بل أثرت نفسيًا على ديولوفيو.
في منشور على إنستغرام، كتب ساخرًا: “ولدت لأصنع التاريخ”، مع إحصائية تُظهر أنه ثاني أطول اللاعبين غيابًا بسبب الإصابة.
رغم ذلك، أبدى تمسكًا بالأمل وحبه لأودينيزي، لكن الواقع قاسٍ.
لا أندية تبدو مستعدة للمراهنة عليه بسبب مخاوف من عدم تعافيه الكامل، مما يهدد بإنهاء مسيرته مبكرًا.
مقارنة مع لامين يامال
لامين يامال، النجم الصاعد لبرشلونة، يُذكّر الكثيرين بديولوفيو في بداياته.
كلاهما خريج لاماسيا، يمتلك سرعة ومهارة، ويحمل آمال الجماهير.
لكن يامال، بفضل دعم فليك وثقته الكبيرة، أصبح أساسيًا في سن مبكرة، بينما افتقر ديولوفيو إلى الاستقرار والثقة في فترات حاسمة.
يامال يسير على الطريق الصحيح ليصبح أسطورة، بينما ديولوفيو يكافح لمجرد العودة إلى الملاعب.
لماذا لم يحقق ديولوفيو النجاح المتوقع؟
عدة عوامل ساهمت في مسار ديولوفيو المأساوي:
- المنافسة الشرسة في برشلونة: وجود نجوم مثل ميسي، نيمار، وسواريز جعل من الصعب عليه حجز مكان أساسي.
- الإعارات المتكررة: تنقلاته بين إيفرتون، إشبيلية، وميلان أثرت على استقراره وثقته بنفسه.
- الإصابات: إصابة الرباط الصليبي ومضاعفاتها دمرت آماله في العودة بقوة.
- ضعف الجوانب الدفاعية: كما أشار ديولوفيو نفسه، كان بحاجة لتحسين أدائه الدفاعي ليصبح لاعبًا متكاملًا، وهو ما لم يحققه بالشكل المطلوب.
ماذا يخبئ المستقبل لديولوفيو؟
في الوقت الحالي، ديولوفيو يعمل بجد لاستعادة لياقته البدنية، لكن التحديات كبيرة.
الأندية تتردد في التعاقد مع لاعب يعاني من إصابة مزمنة، خاصة في دوريات تنافسية مثل الإيطالي أو الإنجليزي.
هناك احتمال أن يبحث عن فرصة في دوري أقل تنافسية، كالدوري السعودي أو الأمريكي، لكن ذلك يعتمد على تعافيه.
الأسوأ هو أن يضطر للاعتزال في سن الـ31، وهو عمر يُفترض أن يكون ذروة مسيرة أي لاعب.